وتجيء دون صفة بمعنى رديء، يقال: ثوب دون، أي رديء، حكاه سيبويه في أحد قوليه، فعلى هذا يعرب بوجوه الإعراب ويكون دون مشتركاً. ﴿لن﴾ : حرف نفي ثنائي الوضع بسيط، لا مركب من لا إن خلافاً للخليل في أحد قوليه، ولا نونها بدل من ألف، فيكون أصلها لا خلافاً للفرّاء، ولا يقتضي النفي على التأييد خلافاً للزمخشري في أحد قوليه، ولا هي أقصر نفياً من لا إذ لن تنفي ما قرب، ولا يمتد معنى النفي فيها كما يمتد في لا خلافاً لزاعمه، ولا يكون دعاء خلافاً لزاعمه، وعملها النصب، وذكروا أن الجزم بها لغة، وأنشد ابن الطراوة:
لن يخب الآن من رجائك من
حرك دون بابك الحلقة
ولها أحكام كثيرة ذكرت في النحو، ولما كانوا في ريب حقيقة، وكانت إن الشرطية إنما تدخل على الممكن أو المحقق المبهم زمان وقوعه، ادعى بعض المفسرين أن إن هنا معناها: إذاً، لأن إذا تفيد مضي ما أضيفت إليه، ومذهب المحققين أن إن لا تكون بمعنى إذا. وزعم المبرد ومن وافقه أن لكان الماضية الناقصة معان حكماً ليست لغيرها من الأفعال الماضية، فلقوة كان زعم أن إن لا يقلب معناها إلى الاستقبال، بل يكون على معناه من المضي إن دخلت عليه إن، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أن كان كغيرها من الأفعال، وتأولوا ما ظاهره ما ذهب إليه المبرد، إما على إضمار يكن بعد إن نحو: ﴿إن كان قميصه قدّ﴾ (يوسف: ٢٦) أي إن يكن كان قميصه، أو على أن المراد به التبيين، أي أن يتبين كون قميصه قدّ.
فعلى قول أبي العباس يكون كونهم في ريب ماضياً، ويصير نظير ما لو جاء إن كنت أحسنت إليّ فقد أحسنت إليك، إذا حمل على ظاهره ولم يتأول.
ومن تحتمل ابتداء الغاية والسببية، ولا يجوز أن تكون للتبعيض. وما موصولة، أي من الذي نزلنا، والعائد محذوف، أي نزلناه، وشرط حذفه موجود. وأجاز بعضهم أن تكون ما نكرة موصوفة، وقد تقدم لنا الكلام على ما النكرة الموصوفة.


الصفحة التالية
Icon