وأجاز سيبويه: جاءني زيد، ومن أخوك العاقلان، على أن يكون العاقلان خبر ابتداء و ﴿الصالحات﴾ : جمع صالحة، وهي صفة جرت مجرى الأسماء في إيلائها العوامل، قال الحطيئة:
كيف الهجاء وما ينفك صالحة
من آل لام بظهر الغيب تأتيني
فعلى هذا انتصابها على أنها مفعول بها، والألف واللام في الصالحات للجنس لا للعموم، و ﴿بشر﴾ يتعدى لمفعولين: أحدهما بنفسه، والآخر بإسقاط حرف الجر. فقوله: ﴿أن لهم جنات﴾ هو في موضع هذا المفعول، وجاز حذف حرف الجر مع أن قياساً مطرداً، واختلفوا بعد حذف الحرف، هل موضع أن ومعموليها جر أم نصب؟ فمذهب الخليل والكسائي: أن موضعه جر، ومذهب سيبويه والفراء: أن موضعه نصب، والاستدلال في كتب النحو.
والألف واللام في ﴿الأنهار﴾ للجنس، قال الزمخشري: أو يراد أنهارها، فعوض التعريف باللام من تعريف الإضافة، كقوله تعالى: ﴿واشتعل الرأس شيباً﴾ (مريم: ٤)، وهذا الذي ذكره الزمخشري، وهو أن الألف واللام تكون عوضاً من الإضافة، ليس مذهب البصريين، بل شيء ذهب إليه الكوفيون، وعليه خرج بعض الناس قوله تعالى: مفتحة لهم الأبواب} (ص: ٥٠)، أي أبوابها. وأما البصريون فيتأولون هذا على غير هذا الوجه ويجعلون الضمير محذوفاً، أي الأبواب منها، ولو كانت الألف واللام عوضاً من الإضافة لما أتى بالضمير مع الألف واللام، وقال الشاعر:
قطوب رحيب الجيب منها رقيقة
بجس الندامى بضة المتجرد}
ويجوز أن تكون الألف واللام للعهد الثابت في الذهن من الأنهار الأربعة المذكورة في سورة القتال.


الصفحة التالية
Icon