وقال تعالى: ﴿يسألونك عن الساعة﴾ ﴿يسألونك عن الشهر الحرام﴾ وكذا هنا ﴿يسألونك عن الأنفال﴾ حكمها ولمن تكون ولذلك جاء الجواب ﴿قل الأنفال لله والرسول﴾ وقد يكون السؤال لاقتضاء مال ونحوه فيتعدى إذ ذاك لمفعولين تقول سألت زياداً مالاً وقد جعل بعض المفسرين السؤال هنا بهذا المعنى وادعى زيادة ﴿عن﴾، وأن التقدير يسألونك الأنفال، وهذا لا ضرورة تدعو إلى ذلك، وينبغي أن تحمل قراءة من قرأ بإسقاط عن على إرادتها لأن حذف الحرف، وهو مراد معنى، أسهل من زيادته لغير معنى غير التوكيد وهي قراءة سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعلي بن الحسين وولديه زيد ومحمد الباقر وولده جعفر الصادق وعكرمة وعطاء والضحاك وطلحة بن مصرف. وقيل ﴿عن﴾ بمعنى من أي يسألونك من الأنفال ولا ضرورة تدعو إلى تضمين الحرف معنى الحرف، وقرأ ابن محيصن علنفال نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وحذف الهمزة واعتدّ بالحركة المعارضة فأدغم نحو، وقد تبين لكم.
و ﴿ذات هنا نعت لمفعول محذوف أي وأصلحوا﴾ أحوالاً ﴿ذات﴾ افتراقكم لما كانت الأحوال ملابسةً للبين أُضيفت صفتها إليه كما تقول اسقني ذا إنائك أي ماء صاحب إنائك لما لابس الماء الإناء وصف بذا وأُضيف إلى الإناء والمعنى اسقني ما في الإناء من الماء.
وذكر الطبري عن بعضهم أنه قال ﴿ذات بينكم﴾ الحال التي بينكم كما ذات العشاء الساعة التي فيها العشاء ووجهه الطبري، وهو قول بين الانتقاض انتهى وتلخص أن البين يطلق على الفراق ويطلق على الوصل وهو قول الزجاج هنا قال ومثله ﴿لقد تقطّع بينُكم﴾ ويكون ظرفاً بمعنى وسط، ويحتمل ﴿ذات﴾ أن تضاف لكل واحد من هذه المعاني وإنما اخترنا في أنه بمعنى الفراق لأن استعماله فيه أشهر من استعماله في الوصل ولأن إضافة ذات إليه أكثر من إضافة ذات إلى بين الظرفية لأنها ليست كثيرة التصرف بل تصرّفها كتصرّف أمام وخلف وهو تصرّف متوسط ليس بكثير.