يقال: نسأله وأنسأه إذا أخَّره، حكاه الكسائي. قال الجوهري وأبو حاتم: النسيء فعيل بمعنى مفعول، من نسأت الشيء فهو منسوء إذا أخرته، ثم حول إلى نسيء كما حول مقتلو إلى قتيل. ورجل ناسىء وقوم نسأة، مثل فاسق وفسقة انتهى. وقيل: النسيء مصدر من أنسأ، كالنذير من أنذر، والنكير من أنكر، وهو ظاهر قول الزمخشري لأنه قال: النسيء تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر. وقال الطبري: النسيء بالهمز معناه الزيادة انتهى. فإذا قلت: أنسأ الله؛ الله أجله بمعنى أخَّر، لزم من ذلك الزيادة في الأجل، فليس النسيء مرادفاً للزيادة، بل قد يكون منفرداً عنها في بعض المواضع. وإذا كان النسيء مصدراً كان الإخبار عنه بمصدر واضحاً، وإذا كان بمعنى مفعول فلا بد من إضمار إما في النسيء أي: إن نسأ النسيء، أو في زيادة أي: ذو زيادة. وبتقدير هذا الإضمار يرد على ما يرد على قوله. ولا يجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول، لأنه يكون المعنى: إنما المؤخر زيادة، والمؤخر الشهر، ولا يكون الشهر زيادة في الكفر.
وقرأ الجمهور: النسيء مهموز على وزن فعيل. وقرأ الزهري وحميد وأبو جعفر وورش عن نافع والحلواني: النسيّ بتشديد الياء من غير همز، وروى ذلك عن ابن كثير سهل الهمزة بإبدالها ياء، وأدغم الياء فيها، كما فعلوا في نبىء وخطيئة فقالوا: نبي وخطية بالإبدال والإدغام. وفي كتاب اللوامح قرأ جعفر بن محمد والزهري.
وقرأ السلمي وطلحة والأشهب وشبل: النسء بإسكان السين. والأشهب: النسي بالياء من غير همز مثل الندى. وقرأ مجاهد: النسوء على وزن فعول بفتح الفاء، وهو التأخير. ورويت هذه عن طلحة والسلمي. وقول أبي وائل: إنّ النسيء رجل من بني كنانة قول ضعيف. وقول الشاعر:
أنسنا الناسئين على معدّ
شهور الحل نجعلها حراما وقال آخر:
نسؤ الشهور بها وكانوا أهلها


الصفحة التالية
Icon