على يضرب القوانس فقد أبعدت المتناول وهو قريب حيث أبيت أن يكون ﴿أحصى﴾ فعلاً ثم رجعت مضطراً إلى تقديره وإضماره انتهى. أما دعواه الشذوذ فهو مذهب أبي عليّ، وقد ذكرنا أن ظاهر مذهب سيبويه جواز بنائه من أفعل مطلقاً وأنه مذهب أبي إسحاق وأن التفصيل اختيار ابن عصفور وقول غيره. والهمزة في ﴿أحصى﴾ ليست للنقل. وأما قوله فافعل لا يعمل ليس بصحيح فإنه يعمل في التمييز، و ﴿أمداً﴾ تمييز وهكذا أعربه من زعم أن ﴿أحصى﴾ أفعل للتفضيل، كما تقول: زيداً أقطع الناس سيفاً، وزيد أقطع للهام سيفاً، ولم يعر به مفعولاً به. وأما قوله: وإما أن ينصب بلبثوا فلا يسد عليه المعنى أي لا يكون سديداً فقد ذهب الطبري إلى نصب ﴿أمداً﴾ بلبثوا. قال ابن عطية: وهذا غير متجه انتهى. وقد يتجه ذلك أن الأمد هو الغاية ويكون عبارة عن المدة من حيث أن للمدة غاية في أمد المدة على الحقيقة، وما بمعنى الذي و ﴿أمداً﴾ منتصب على إسقاط الحرف، وتقديره لما ﴿لبثوا﴾ من أمد أي مدة، ويصير من أمد تفسيراً لما أنهم في لفظ ﴿ما لبثوا﴾ كقوله ﴿ما ننسخ من آية ما يفتح الله للناس من رحمة﴾ ولما سقط الحرف وصل إليه الفعل. وأما قوله: فإن زعمت إلى آخره فيقول: لا يحتاج إلى هذا الزعم لأنه لقائل ذلك أن يسلك مذهب الكوفيين في أن أفعل التفضيل ينتصب المفعول به، فالقوانس عندهم منصوب بأضرب نصب المفعول به، وإنما تأويله بضرب القوانس قول البصريين، ولذلك ذهب بعض النحويين إلى أن قوله ﴿أعلم من يضل﴾ من منصوبة بأعلم نصب المفعول به، ولو كثر وجود مثل.
واضرب منا بالسيوف القوانسا
لكنا نقيسه ويكون معناه صحيحاً لأن أفعل التفضيل مضمن معنى المصدر فيعمل بذلك التضمين، ألا ترى أن المعنى يزيد ضربنا بالسيوف القوانسا على ضرب غيرنا.
فشططاً نعت لمصدر محذوف إما على الحذف كما قدرناه، وإما على الوصف به على جهة المبالغة. وقيل: مفعول به بقلنا.
اللم في ﴿لقد لام توكيد وإذا﴾ حرف جواب وجزاء.


الصفحة التالية
Icon