﴿وتلك﴾ مبتدأ و ﴿القرى﴾ صفة أو عطف بيان والخبير ﴿أهلكناهم﴾ ويجوز أن تكون ﴿القرى﴾ الخبر و ﴿أهلكناهم﴾ جملة حالية كقوله ﴿فتلك بيوتهم خاوية﴾ ويجوز أن تكون ﴿تلك﴾ منصوباً بإضمار فعل يفسره ما بعده أي وأهلكنا ﴿تلك القرى أهلكناهم﴾ و ﴿تلك القرى﴾ على إضمار مضاف أي وأصحاب تلك القرى، ولذلك عاد الضمير على ذلك المضمر في قوله ﴿أهلكناهم﴾.
وقوله ﴿لما ظلموا﴾ إشعار بعلة الإهلاك وهي الظلم، وبهذا استدل الأستاذ أبو الحسن بن عصفور على حرفية ﴿لما﴾ وأنها ليست بمعنى حين لأن الظرف لا دلالة فيه على العلية.
وضربنا لإهلاكهم وقتاً معلوماً، وهو الموعد واحتمل أن تكون مصدراً أو زماناً. وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح اللام، واحتمل أن يكون مصدراً مضافاً إلى المفعول وأن يكون زماناً. وقرأ حفص وهارون عن أبي بكر بفتحتين وهو زمان الهلاك. وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام مصدر هلك يهلك وهو مضاف للفاعل. وقيل: هلك يكون لازماً ومتعدياً فعلى تعديته يكون مضافاً للمفعول، وأنشد أبو عليّ في ذلك:
ومهمه هالك من تعرجاً
ولا يتعين ما قاله أبو عليّ في هذا البيت، بل قد ذهب بعض النحويين إلى أن هالكاً فيه لازم وأنه من باب الصفة المشبهة أصله هالك من تعرجاً. فمن فاعل ثم أضمر في هالك ضمير مهمه، وانتصب ﴿من﴾ على التشبيه بالمفعول ثم أضاف من نصب، وقد اختلف في الموصول هل يكون من باب الصفة المشبهة؟ والصحيح جواز ذلك وقد ثبت في أشعار العرب. قال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة:
أسيلات أبدان دقاق خصورهاوثيرات ما التفت عليها الملاحف وقال آخر: