دلالة على أن ﴿لن﴾ لا تقتضي التأييد خلافاً للزمخشري إذ لو كان من موضوعها التأبيد لما جازت التغيية بحتى لأن التغيية لا تكون إلا حيث يكون الشيء محتملاً فيزيل ذلك الاحتمال بالتغيية.
وقرأ الجمهور ﴿لا مساس﴾ بفتح السين والميم المكسورة و ﴿مساس﴾ مصدر ماس كقتال من قاتل، وهو منفي بلا التي لنفي الجنس، وهو نفي أريد به النهي أي لا تمسني ولا أمسك. وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقعنب بفتح الميم وكسر السين. فقال صاحب اللوامح: هو على صورة نزال ونظار من أسماء الأفعال بمعنى أنزل وأنظر، فهذه الأسماء التي بهذه الصيغة معارف ولا تدخل عليها إلا النافية التي تنصب النكرات نحو لا مال لك، لكنه فيه نفي الفعل فتقديره لا يكون منك مساس، ولا أقول مساس ومعناه النهي أي لا تمسني انتهى. وظاهر هذا أن مساس اسم فعل. وقال الزمخشري ﴿لا مساس﴾ بوزن فجار ونحوه قولهم في الظباء:
إن وردن الماء فلا عبابوإن فقدنه فلا إباب وهي أعلام للمسة والعبة والأبة وهي المرة من الأب وهو الطلب. وقال ابن عطية ﴿لا مساس﴾ هو معدول عن المصدر كفجار ونحوه، وشبهه أبو عبيدة وغيره بنزال ودراك ونحوه، والشبه صحح من حيث هي معدولات، وفارقه في أن هذه عدلت عن الأمر ومساس وفجار عدلت عن المصدر. ومن هذا قول الشاعر:
تميم كرهط السامري وقولهألا لا يريد السامري مساس انتهى. فكلام الزمخشري وابن عطية يدل على أن مساس معدول عن المصدر الذي هو المسة، كفجار معدولاً عن الفجرة.


الصفحة التالية
Icon