وقرأ الجمهور ﴿محدث﴾ بالجر صفة لذكر على اللفظ، وابن أبي عبلة بالرفع صفة لذكر على الموضع، وزيد بن عليّ بالنصب على الحال ﴿من ذكر﴾ إذ قد وصف بقوله ﴿من ربهم﴾ ويجوز أن يتعلق ﴿من ربهم﴾ بيأتيهم. و ﴿استمعوه﴾ جملة حالية وذو الحال المفعول في ﴿ما يأتيهم﴾ ﴿وهم يلعبون﴾ جملة حالية من ضمير ﴿استمعوه﴾ و ﴿لاهية﴾ حال من ضمير ﴿يلعبون﴾ أو من ضمير ﴿استمعوه﴾ فيكون حالاً بعد حال، واللاهية من قول العرب لهي عنه إذا ذهل وغفل يلهى لهياً ولهياناً، أي وإن فطنوا لا يجدي ذلك لاستيلاء الغفلة والذهول وعدم التبصر بقلوبهم. وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى ﴿لاهية﴾ بالرفع على أنه خبر بعد خبر لقوله ﴿وهم﴾.
وجوزوا في إعراب ﴿الذين ظلموا﴾ وجوهاً الرفع والنصب والجر، فالرفع على البدل من ضمير ﴿وأسروا﴾ إشعاراً أنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به قاله المبرد، وعزاه ابن عطية إلى سيبويه أو على أنه فاعل، والواو في ﴿أسروا﴾ علامة للجمع على لغة أكلوني البراغيث قاله أبو عبيدة والأخفش وغيرهما. قيل: وهي لغة شاذة. قيل: والصحيح أنها لغة حسنة، وهي من لغة أزدشنوءة وخرج عليه قوله ﴿ثم عموا وصموا كثير منهم﴾ وقال شاعرهم:
يلومونني في اشتراءالنخيل أهلي وكلهم ألوم أو على أن ﴿الذين﴾ مبتدأ ﴿وأسروا النجوى﴾ خبره قاله الكسائي فقدّم عليه، والمعنى: وهؤلاء ﴿أسروا النجوى﴾ فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلاً على فعلهم أنه ظلم، أو على أنه فاعل بفعل القول وحذف أي يقول ﴿الذين ظلموا﴾ والقول كثيراً يضمر واختاره النحاس قال ويدل على صحة هذا أن بعده هل هذا إلا بشر مثلكم. وقيل التقدير أسرها الذين ظلموا. وقيل: ﴿الذين﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي هم ﴿الذين﴾ والنصب على الذم قاله الزجاج، أو على إضمار أعني قاله بعضهم. والجر على أن يكون نعتاً للناس أو بدلاً في قوله ﴿اقترب للناس﴾ قاله الفراء وهو أبعد الأقوال.