﴿وأن﴾ مخففة من الثقيلة قاله ابن عطية، والأصل أن يليها فعل تحقيق أو ترجيح كحالها إذا كانت مشددة أو حرف تفسير. قاله الزمخشري وابن عطية وشرطها أن يتقدمها جملة في معنى القول و ﴿بوّأنا﴾ ليس فيه معنى القول، والأولى عندي أن تكون ﴿أن﴾ الناصبة للمضارع إذ يليها الفعل المتصرف من ما ض ومضارع وأمر النهي كالأمر.
وقرأ عكرمة وأبو نهيك: أن لايشرك بالياء على معنى أن يقول معنى القول الذي قيل له. قال أبو حاتم: ولا بد من نصب الكاف على هذه القراءة بمعنى أن ﴿لا تشرك﴾.
وقرأ الحسن وابن محيصن وآذن بمدة وتخفيف الذال. قال ابن عطية: وتصحف هذا على ابن جني فإنه حكى عهما ﴿وأذن﴾ على فعل ماض، وأعرب على ذلك بأن جعله عطفاً على ﴿بوّأنا﴾ انتهى. وليس بتصحيف بل قد حكى أبو عبد الله الحسين بن خالويه في شواذ القراءات من جمعه. وصاحب اللوامح أبو الفضل الرازي ذلك عن الحسن وأبن محيصن. قال صاحب اللوامح: وهو عطف على ﴿وإذ بوّأنا﴾ فيصير في الكلام تقديم وتأخير، ويصير ﴿يأتوك﴾ جزماً على جواب الأمر الذي هو ﴿وطهر﴾ انتهى.
﴿ذلك﴾ خبر مبتدأ محذوف قدّره ابن عطية فرضكم ﴿ذلك﴾ أو الواجب ﴿ذلك﴾ وقدّره الزمخشري الأمر أو الشأن ﴿ذلك﴾ قال كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني، ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال: هذا وقد كان كذا انتهى. وقيل: مبتدأ محذوف الخبر أي ﴿ذلك﴾ الأمر الذي ذكرته. وقيل في موضع نصب تقديره امتثلوا ﴿ذلك﴾ ونظير هذه الإشارة البليغة قول زهير وقد تقدم له جمل في وصف هرم:
هذا وليس كمن يعيا بخطبتهوسط الندى إذا ما ناطق نطقا وكان وصفه قبل هذا بالكرم والشجاعة، ثم وصفه في هذا البيت بالبلاغة فكأنه قال: هذا خلقه وليس كمن يعيا بخطبته.
والظاهر أن خيراً هنا ليس أفعل تفضيل.


الصفحة التالية
Icon