والله يعلم: كلام مستأنف مبتدأ وخبر، ومن فسر الهادي بالله جاز أن يكون الله خبر مبتدأ محذوف أي: هو الله تعالى، ثم ابتدأ إخباراً عنه فقال: يعلم. ويعلم هنا متعدية إلى واحد، لأنه لا يراد هنا النسبة، إنما المراد تعلق بالمفردات. وما جوزوا أن تكون بمعنى الذي، والعائد عليها في صلاتها محذوف، ويكون تغيض متعدياً. وأن تكون مصدرية، فيكون تغيض وتزداد لا زمان. وسماع تعديتهما ولزومهما ثابت من كلام العرب. وأن تكون استفهاماً مبتدأ، وتحمل خبره ويعلم متعلقه، والجملة في موضع المفعول.
وأثبت ابن كثير وأبو عمر وفي رواية: ياء المتعال وقفاً ووصلاً، وهو الكثير في لسان العرب، وحذفها الباقون وصلاً ووقفاً، لأنها كذلك رسمت في الخط. واستشهد سيبويه بحذفها في الفواصل ومن القوافي، وأجاز غيره حذفها مطلقاً. ووجه حذفها مع أنها تحذف مع التنوين، وإن تعاقب التنوين، فحذفت مع المعاقب إجراء له مجرى المعاقب.
وأعربوا سواء خبر مبتدأ أو من أسر، والمعطوف عليه مبتدأ. ويجوز أن يكون سوا مبتدأ لأنه موصوف بقوله: منكم، ومن المعطوف الخبر. وكذا أعرب سيبويه قول العرب: سواء عليه الخير والشر. وقول ابن عطية: إن سيبويه ضعف ذلك بأنه ابتداء بنكرة، وهو لا يصح.
وظاهر التقسيم يقتضي تكرار من، لكنه حذف للعلم به، إذ تقدم قوله: من أسرّ القول ومن جهر به، لكن ذلك لا يجوز على مذهب البصريين، وأجازه الكوفيون. ويجوز أن يكون: وسارب، معطوفاً على من، لا على مستخف، فيصح التقسيم. كأنه قيل: سواء شخص هو مستخف بالليل، وشخص هو سارب بالنهار. ويجوز أن يكون معطوفاً على مستخف. وأريد بمن اثنان، وحمل على المعنى في تقسيم خبر المبتدأ الذي هو هو، وعلى لفظ من في إفراد هو. والمعنى: سواء اللذان هما مستخف بالليل والسارب بالنهار، هو رجل واحد يستخفي بالليل ويسرب بالنهار، وليرى نصرفه في الناس.