﴿وهم بالآخرة هم يوقنون﴾ : تحتمل هذه الجملة أن تكون معطوفة على صلة ﴿الذين﴾. ولما كان: ﴿يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة﴾ مما يتجدد ولا يستغرق الأزمان، جاءت الصلة فعلاً. ولما كان الإيمان بالآخرة بما هو ثابت عندهم مستقر الديمومة، جاءت الجملة اسمية، وأكدت المسند إليه فيها بتكراره، فقيل: ﴿هم يوقنون﴾ وجاء خبر المبتدأ فعلاً ليدل على الديمومة، واحتمل أن تكون الجملة استئناف إخبار. قال الزمخشري: ويحتمل أن تتم الصلة عنده، أي عند قوله: ﴿وهم﴾، قال: وتكون الجملة اعتراضية، كأنه قيل: وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة، وهو الوجه، ويدل عليه أنه عقد جملة ابتدائية وكرر فيها المبتدأ الذي هو هم، حتى صار معناها: وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق. انتهى. وقوله: وتكون الجملة اعتراضية، هو على غير اصطلاح النحاة في الجملة الاعتراضية من كونها لا تقع إلا بين شيئين متعلق بعضهما ببعض، كوقوعها بين صلة وموصولة، وبين جزأي إسناد، وبين شرط وجزائه، وبين نعت ومنعوت، وبين قسم ومقسم عليه، وهنا ليست واقعة بين شيئين مما ذكر وقوله الخ.
وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف أسند تزين أعمالهم إلى ذاته، وأسنده إلى الشيطان في قوله: ﴿وزين لهم الشيطان أعمالهم؟﴾ قلت: بين الإسنادين فرق، وذلك أن إسناده إلى الشيطان حقيقة، وإسناده إلى الله تعالى مجاز، وله طريقان في علم البيان: أحدهما: أن يكون من المجاز الذي يسمى الاستعارة. والثاني: أن يكون من المجاز المحكي.
والظاهر أن ﴿الأخسرون﴾ أفعل التفضيل.