وقرأ أبو جعفر في روايته: ولا تسأل، بالتاء والجزم، المجرمين: نصب. وقرأ ابن سيرين، وأبو العالية: كذلك في ولا تسأل على النهي للمخاطب، وكان ابن أبي إسحاق لا يجوّز ذلك إلاّ أن يكون المجرمين بالياء في محل النصب، بوقوع الفعل عليه. قال صاحب اللوامح: فالظاهر ما قاله، ولم يبلغني في نصب المجرمين شيء، فإن تركاه على رفعه، فله وجهان: أحدهما: أن تكون الهاء والميم في ﴿عن ذنوبهم﴾ راجعة إلى ما تقدم من القرون، وارتفاع المجرمين بإضمار المبتدأ، وتقديره: هم المجرمون، أو أولئك المجرمون، ومثله: ﴿التائبون العابدون﴾ في التوبة. والثاني: أن يكون بدلاً من أصل الهاء والميم في ذنوبهم، لأنها، وإن كانت في محل الجر بالإضافة إليها، فإن أصلها الرفع، لأن الإضافة إليها بمنزلة إضافة المصدر إلى اسم الفاعل؛ فعلى ذلك المجرمون محمول على الأصل، على ما تقدم لنا من أن بعضهم قرأ: ﴿أن يضرب مثلاً ما بعوضة﴾ بالجر، على أنها بدل من أصل المثل، وما زائدة فيه، وتقديره: لا يستحي بضرب مثل بعوضة، أي بضرب بعوضة. في ذلك فسر أن مع الفصل بالمصدر ناصب إلى المفعول به، ثم أبدل منه البعوضة من غير أن أعرف فيها أثراً لحال. فأما قوله: من ذنوبهم، فذنوب جمع، فإن كان جمع مصدر، ففي إعماله خلاف. وأما قوله على ما تقدم لنا من أن بعضهم قرأ، فقد ذكر في البقرة أنه سمع ذلك، ولا نعرف فيها أثراً، فينبغي أن لا يجعلها قراءة.
﴿مِنَ الْمُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِالأٌّمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا﴾
والأمس يحتمل أن يراد به الزمان الماضي، ويحتمل أن يراد به ما قبل يوم الخسف، وهو يوم التمني، ويدل عليه العطف بالفا التي تقتضي التعقيب في قوله: ﴿فخسفنا﴾، فيكون فيه اعتقاب العذاب خروجه في زينته، وفي ذلك تعجيل العذاب.