وإذا اجتمع شرطان، فالثاني شرط في الأول، متأخر في اللفظ، متقدم في الوقوع، ما لم تدل قرينة على الترتيب، نحو: إن تزوجتك أو طلقتك فعبدي حر. واجتماع الشرطين مسألة فيها خلاف وتفصيل، وقد استوفينا ذلك في (شرح التسهيل)، في باب الجوازم. وقرأ أبو حيوة: وامرأة مؤمنة، بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف: أي أحللناها لك. وقرأ أبي، والحسن، والشعبي، وعيسى، وسلام: أن بفتح الهمزة، وتقديره: لأن وهبت، وذلك حكم في امرأة بعينها، فهو فعل ماض، وقراءة الكسر استقبال في كل امرأة كانت تهب نفسهما دون واحدة بعينها. وقرأ زيد بن علي: اذ وهبت، إذ ظرف لما مضى، فهو في امرأة بعينها.
وقرأ الجمهور: ﴿خالصة﴾، بالنصب، وهو مصدر مؤكد، ﴿كوعد الله﴾، و ﴿صبغة الله﴾، أي أخلص لك إخلاصاً. ﴿أحللنا لك﴾، ﴿خالصة﴾ بمعنى خلوصاً، ويجىء المصدر على فاعل وعلى فاعلة. وقال الزمخشري: والفاعل والفاعلة في المصادر على غير عزيزين، كالخارج والقاعد والعاقبة والكاذبة. انتهى، وليس كما ذكر، بل هما عزيزان، وتمثيله كالخارج يشير إلى قول الفرزدق:
ولا خارج من في زور كلام
والقاعد إلى أحد التأويلين في قوله:
أقاعداً وقد سار الركب
والكاذبة إلى قوله تعالى: ﴿ليس لوقعتها كاذبة﴾. وقد تتأول هذه الألفاظ على أنها ليست مصادر. وقرىء: خالصة، بالرفع، فمن جعله مصدراً، قدره ذلك خلوص لك، وخلوص من دون المؤمنين. والظاهر أن قوله: ﴿خالصة لك﴾ من صفة الواهبة نفسها لك، فقراءة النصب على الحال، قاله الزجاج: أي أحللناها خالصة لك، والرفع خبر مبتدأ: أي هي خالصة لك، أي هبة النساء أنفسهنّ مختص بك، لا يجوز أن تهب المرأة نفسها لغيرك.
﴿من دون المؤمنين﴾، وهي جملة اعتراضية.
وقرأ الجمهور: ﴿كلهن﴾ بالرفع، تأكيداً النون ﴿يرضين﴾ ؛ وأبو إياس حوبة بن عائد: بالنصب تأكيداً لضمير النصب في ﴿آتيتهن﴾.


الصفحة التالية
Icon