وقرأ الجمهور: ﴿ولا أصغر من ذلك ولا أكبر﴾، برفع الراءين، واحتمل أن يكون معطوفاً على ﴿مثقال﴾، وأن يكون مبتدأ، والخبر في قوله: ﴿إلا في كتاب﴾. وعلى الاحتمال الأول، يكون ﴿إلا في كتاب مبين﴾ توكيداً لما تضمن النفي في قوله: ﴿لا يعزب﴾، وتقديره: لكنه في كتاب مبين، وهو كناية عن ضبط الشىء والتحفظ به، فكأنه في كتاب، وليس ثم كتاب حقيقة. وعلى التخريج الأول، يكون الكتاب هو اللوح المحفوظ. وقرأ الأعمش، وقتادة: بفتح الراءين. قال ابن عطية: عطفاً على ﴿ذرة﴾. ورويت عن أبي عمرو، وعزاها أيضاً إلى نافع، ولا يتعين ما قال، بل تكون لا لنفي الجنس، وهو مبتدأ، أعني مجموع لا وما بني معها على مذهب سيبويه، والخبر ﴿إلا في كتاب مبين﴾، وهو من عطف الجمل، لا من عطف المفردات، كما قال ابن عطية.
وقال الزمخشري: جواباً لسؤال من قال: هل جاز عطف ﴿ولا أصغر﴾ على ﴿مثقال﴾، وعطف ﴿ولا أصغر﴾ على ﴿ذرة﴾ ؟ قلت: يأبى ذلك حرف الاستثناء، إلا إذا جعلت الضمير في عنه للغيب، وجعلت الغيب اسماً للخفيات قبل أن تكتب في اللوح، لأن إثباتها في اللوح نوع من البروز عن الحجاب على معنى أنه لا ينفصل عن الغيب شيء ولا يزول عنه إلا مسطوراً في اللوح. انتهى. ولا يحتاج إلى هذا التأويل إذا جعلنا الكتاب المبين ليس اللوح المحفوظ. وقرأ زيد بن على: ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، بخفض الراءين بالكسرة، كأنه نوى مضافاً إليه محذوفاً، التقدير: ولا أصغر ولا أكبره، ومن ذلك ليس متعلقاً بأفعل، بل هو بتبين، لأنه لما حذف المضاف إليه أبهم لفظاً فبينه بقوله: ﴿من ذلك﴾، أي عنى من ذلك، وقد جاءت من كون أفعل التفضيل مضافاً في قول الشاعر: