و ﴿إلا لمن أذن له﴾ : استثناء مفرغ، فالمستثنى منه محذوف تقديره: ولا تنفع الشفاعة لأحد ﴿إلا لمن أذن له﴾. واحتمل قوله لأحد أن يكون مشفوعاً له، وهو الظاهر، فيكون قوله: ﴿إلا لمن أذن له﴾، أي المشفوع، أذن لأجله أن يشفع فيه؛ والشافع ليس بمذكور، وإنما دل عليه المعنى. واحتمل أن يكون شافعاً، فيكون قوله: ﴿إلا لمن أذن له﴾ بمعنى: إلا لشافع أذن له أن يشفع، والمشفوع ليس بمذكور، إنما دل عليه المعنى. وعلى هذا الاحتمال تكون اللام في ﴿أذن له﴾ لام التبليغ، لا لام العلة. وقال الزمخشري: يقول: الشفاعة لزيد على معنى أنه الشافع، كما يقول: الكرم لزيد، وعلى معنى أنه المشفوع له، كما تقول: القيام لزيد، فاحتمل قوله: ﴿ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له﴾ أن يكون على أحد هذين الوجهين، أي لا تنفع الشافعة إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له، أو لا تنفع الشافعة إلا كائنة لمن أذن له، أي لشفيعه، أو هي اللام الثانية في قولك: أذن لزيد لعمرو، أي لأجله، وكأنه قيل: إلا لمن وقع الإذن للشفيع لأجله، وهذا وجه لطيف، وهو الوجه، وهذا تكذيب لقولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله. انتهى. فجعل إلا لمن أذن له استثناء مفرغاً من الأحوال، ولذلك قدره: إلا كائنة، وعلى ما قررناه استثناء من الذوات.
وأل في الشفاعة الظاهر أنها للعموم، أي شفاعة جميع الخلق. وقيل: للعهد، أي شفاعة الملائكة التي زعموها شركاء وشفعاء. انتهى، وفيه بعض تلخيص. وقال أبو البقاء: اللام في لمن أذن له ﴿مِّن ظَهِيرٍ * وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ﴾ يجوز أن تتعلق بالشفاعة، لأنك تقول: أشفعت له، وأنت بتنفع. انتهى، وهذا فيه قلة، لأن المفعول متأخر، فدخول اللام عليه قليل.