﴿وجاءكم﴾ معطوف على ﴿أو لم نعمركم﴾، لأن معناه: قد عمرناكم، كقوله: ﴿ألم نر بك فينا وليداً﴾، وقوله: ﴿ألم نشرح لك صدرك﴾، ثم قال: ﴿ولبثت فينا﴾ وقال ﴿ووضعنا﴾، لأن المعنى قدر بيناك وشرحنا.
﴿قل أرأيتم شركاءكم﴾، قال الحوفي: ألف الاستفهام ذلك للتقرير، وفي التحرير: أرأيتم: المراد منه أخبروني، لان الاستفهام يتسدعي ذلك. يقول القائل: أرأيت ماذا فعل زيد؟ فيقول السامع: باع واشترى، ولولا تضمنه معنى أخبروني لكان الجواب نعم أو لا. وقال ابن عطية: أرأيتم ينزل عند سيبويه منزلة أخبروني. وقال الزمخشري: أروني بدل من أرأيتم لأن معنى أرأيتم أخبروني.
أما قوله: ﴿أروني﴾ بدل من ﴿أرأيتم﴾ فلا يصح، لأنه إذا أبدل مما دخل عليه الاستفهام فلا بد من دخول الأداة على البدل، وأيضاً فإبدال الجملة من الجملة لم يعهد في لسانهم، ثم البدل على نية تكرار العامل، ولا يتأنى ذلك هنا، لأنه لا عامل في أرأيتم فيتخيل دخوله على أروني. وقد تكلمنا في الأنعام على أرأيتم كلاماً شافياً. والذي أذهب إليه أن أرأيتم بمعنى أخبرني، وهي تطلب مفعولين: أحدهما منصوب، والآخر مشتمل على استفهام. تقول العرب: أرأيت زيداً ما صنع؟ فالأول هنا هو ﴿شركاءكم﴾، والثاني ﴿ماذا خلقوا﴾، وأروني جملة اعتراضية فيها تأكيد للكلام وتسديد. ويحتمل أن يكون ذلك أيضاً من باب الإعمال، لأنه توارد على ماذا خلقوا، أرأيتم وأروني، لأن أروني قد تعلق على مفعولها في قولهم: أما ترى، أي ترى ها هنا، ويكون قد أعمل الثاني على المختار عند البصريين. وقيل: يحتمل أن يكون أرأيتم استفهاماً حقيقياً، وأروني أمر تعجيز للتنيين.
أن تزولا في موضع المقعول له، وقدر لئلا تزولا، وكراهة أن تزولا. وقال الزجاج: يمسك: يمنع من أن تزولا، فيكون مقعولاً ثانياً على إسقاط حرف الجر، ويجوز أن يكون بدلاً، أي يمنع زوال السموات والأرض، بدل اشتمال.