وقرأ أبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء ونصر بن علقمة وزيد بن عليّ وأخوه الباقر ومكحول والحسن وأبو جعفر وحفص بن عبيد والنخعي والسلمي وشيبة وأبو بشر والزعفراني أن يُتخذ مبنياً للمفعول واتخذ مما يتعدى تارة لواحد كقوله ﴿أم اتخذوا آلهة من الأرض﴾ وعليه قراءة الجمهور وتارة إلى اثنين كقوله ﴿أفرأيت من اتخذ إلهه هواه﴾ فقيل: هذه القراءة منه فالأول الضمير في ﴿نتخذ﴾ والثاني ﴿من أولياء﴾ و ﴿من﴾ للتبعيض أي لا يتخذ بعض أولياء وهذا قول الزمخشري.
وقال ابن عطية: ويضعف هذه القراءة دخول ﴿من﴾ في قوله ﴿من أولياء﴾ اعترض بذلك سعيد بن جبير وغيره. وقال أبو الفتح ﴿من أولياء﴾ في موضع الحال ودخلت ﴿من﴾ زيادة لمكان النفي المتقدم كما تقول: ما اتخذت زيداً من وكيل. وقيل ﴿من أولياء﴾ هو الثاني على زيادة ﴿من﴾ وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين إنما يجوز دخولها زائدة على المفعول الأول بشرطه.
ومفعول ﴿أرسلنا﴾ عند الزجاج والزمخشري ومن تبعهما محذوف تقديره أحداً. وقدره ابن عطية رجالاً أو رسلاً. وعاد الضمير في ﴿إنهم﴾ على ذلك المحذوف كقوله ﴿وما منا إلاّ له مقام﴾ أي وما منا أحد والجملة عند هؤلاء صفة أعني قوله ﴿إلاّ إنهم﴾ كأنه قال إلاّ آكلين وماشين. وعند الفراء المفعول محذوف وهو موصول مقدر بعد إلاّ أي إلاّ من. ﴿إنهم﴾ والضمير عائد على ﴿من﴾ على معناها فيكون استثناء مفرغاً وقيل: إنهم قبله قول محذوف أي ﴿إلاّ﴾ قيل ﴿إنهم﴾ وهذان القولان مرجوحان في العربية. وقال ابن الأنباري: التقدير إلاّ وإنهم يعنى أن الجملة حالية وهذا هو المختار. قد ردّ على من قال إن ما بعد إلاّ قد يجيء صفة وإما حذف الموصول فضعيف وقد ذهب إلى حكاية الحال أيضاً أبو البقاء قال: وقيل لو لم تكن اللام لكسرت لأن الجملة حالية إذ المعنى إلاّ وهم يأكلون.
وقيل: في قوله ﴿أتصبرون﴾ أنه استفهام بمعنى الأمر أي اصبروا.
﴿رَبَّنَا لَقَدِ﴾