والظاهر أن الاستثناء منقطع، أي لكن من أتى الله بقلب سليم ينفعه سلامة قلبه. قال الزمخشري: ولك أن تجعل الاستثناء منقطعاً، ولا بد لك مع ذلك من تقدير المضاف، وهو الحال المراد بها السلامة، وليست من جنس المال والبنين حتى يؤول المعنى إلى أن المال والبنين لا ينفعان، وإنما ينفع سلامة القلب، ولو لم يقدر المضاف ثم يتحصل للاستثناء معنى. انتهى. ولا ضرورة تدعو إلى حذف مضاف، كما ذكر، إذ قدرناه، لكن ﴿من أتى الله بقلب سليم﴾ ينفعه ذلك، وقد جعله الزمخشري في أول توجيهه متصلاً بتأويل قال: إلا من أتى الله: إلا حال من أتى الله بقلب سليم، وهو من قوله:
تحية بينهم ضرب وجيع
وما ثوابه إلى السيف، ومثاله أن يقال: هل لزيد مال وبنون؟ فيقول: ماله وبنوه سلامة قلبه، تريد نفي المال والبنين عنه، وإثبات سلامة القلب له بدلاً عن ذلك. وإن شئت حملت الكلام على المعنى، وجعلت المال والبنين في معنى الغنى، كأنه قيل: يوم لا ينفع غنى إلا غنى من أتى الله بقلب سليم، لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه، كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه. انتهى. وجعله بعضهم استثناء مفرغاً، فمن مفعول، والتقدير: لا ينفع مال ولا بنون أحداً إلا من أتى الله بقلب سليم، فإنه ينفعه ماله المصروف في وجوه البر.
﴿الجحيم﴾ بالرفع، بإسناد الفعل إليها اتساعاً.
﴿تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَلٍ مُّبِينٍ﴾
وقوله: إن كنا إلا ضالين، إن أراد تفسير المعنى فهو صحيح، وإن أراد أن هنا نافية، واللام في لفي بمعنى إلا، فليس مذهب البصريين، وإنما هو مذهب الكوفيين. ومذهب البصريين في مثل هذا أن إن هي المخففة من الثقيلة، وأن اللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن التي هي لتأكيد مضمون الجملة.