فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ} مبتدأ وخبر، فقدر الحوفي قبلها فعلاً تكون الجملة في موضع معموله، وهو معلق عنها تقديره: فينظر، وقدّر ابن عطية فينظر أو فيعلم.
وقال الزمخشري: فإن قلت: من أين تعلق قوله: ﴿أيكم أحسن عملاً﴾ بفعل البلوى؟ قلت: من حيث أنه تضمن معنى العلم، فكأنه قيل: ليعلمكم أيكم أحسن عملاً، وإذا قلت: علمته أزيد أحسن عملاً أم هو؟ كانت هذه الجملة واقعة موقع الثاني من مفعوليه، كما تقول: علمته هو أحسن عملاً. فإن قلت: أيسمى هذا تعليقاً؟ قلت: لا، إنما التعليق أن توقع بعده ما يسد مسدّ المفعولين جميعاً، كقولك: علمت أيهما عمرو، وعلمت أزيد منطلق. ألا ترى أنه لا فصل بعد سبق أحد المفعولين بين أن يقع ما بعده مصدّراً بحرف الاستفهام وغير مصدّر به؟ ولو كان تعليقاً لافترقت الحالتان، كما افترقتا في قولك: علمت أزيد منطلق، وعلمت زيداً منطلقاً. انتهى. وأصحابنا يسمون ما منعه الزمخشري تعليقاً، فيقولون في الفعل إذا عدى إلى اثنين ونصب الأول، وجاءت بعده جملة استفهامية، أو بلام الابتداء، أو بحرف نفي، كانت الجملة معلقاً عنها الفعل، وكانت في موضع نصب، كما لو وقعت في موضع المفعولين وفيها ما يعلق الفعل عن العمل. وقد تقدّم الكلام على مثل هذه الجملة في الكهف في قوله تعالى: ﴿لنبلوهم أيهم أحسن عملاً﴾، وانتصب ﴿طباقاً﴾ على الوصف السبع، فإما أن يكون مصدر طابق مطابقة وطباقاً لقولهم: النعل خصفها طبقاً على طبق، وصف به على سبيل المبالغة، أو على حذف مضاف، أي ذا طباق؛ وإما جمع طبق كجمل وجمال، أو جمع طبقة كرحبة ورحاب.
والظاهر أن قوله تعالى: ﴿ما ترى﴾ استئناف أنه لا يدرك في خلقه تعالى تفاوت، وجعل الزمخشري هذه الجملة صفة متابعة لقوله: ﴿طباقاً﴾.