أمّا قوله: ونصب قليلاً بفعل مضمر يدل عليه تؤمنون فلا يصح، لأن ذلك الفعل الدال عليه ﴿تؤمنون﴾ إما أن تكون ما نافية أو مصدرية، كما ذهب إليه. فإن كانت نافية، فذلك الفعل المضمر الدال عليه تؤمنون المنفي بما يكون منفياً، فيكون التقدير: ما تؤمنون قليلاً ما تؤمنون، والفعل المنفي بما لا يجوز حذفه ولا حذف ما لا يجوز زيداً ما أضربه، على تقدير ما أضرب زيداً ما أضربه، وإن كانت مصدرية كانت ما في موضع رفع على الفاعلية بقليلاً، أي قليلاً إيمانكم، ويبقى قلىلاً لا يتقدمه ما يعتمد عليه حتى يعمل ولا ناصب له؛ وإما في موضع رفع على الابتداء، فيكون مبتدأ لا خبر له، لأن ما قبله منصوب لا مرفوع. وقال الزمخشري: والقلة في معنى العدم، أي لا تؤمنون ولا تذكرون البتة، والمعنى: ما أكفركم وما أغفلكم. انتهى. ولا يراد بقليلاً هنا النفي المحض، كما زعم، وذلك لا يكون إلا في أقل نحو: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد، وفي قل نحو: قلّ رجل يقول ذلك إلا زيد. وقد تستعمل في قليل وقليلة إذا كانا مرفوعين، نحو ما جوزوا في قوله:
قليل بها الأصوات إلا بغاتها
أما إذا كان منصوباً نحو: قليلا ضربت، أو قليلاً ما ضربت، على أن تكون ما مصدرية، فإن ذلك لا يجور، لأنه في: قليلاً ضربت منصوب بضربت، ولم تستعمل العرب قليلاً إذا انتصب بالفعل نفياً، بل مقابلاً لكثير. وأمّا في قليلاً ما ضربت على أن تكون ما مصدرية، فتحتاج إلى رفع قليل، لأن ما المصدرية في موضع رفع على الابتداء.
وقرىء: ﴿ولو تقول﴾ مبنياً للمفعول، وحذف الفاعل وقام المفعول مقامة، وهو بعض، إن كان قرىء مرفوعاً؛ وإن كان قرىء منصوباً بعلينا قام مقام الفاعل، والمعنى: ولو تقول علينا متقول.