والذي نقوله: إن المعضل هو تقرير العامل في إذا بعد الاقسام، كقوله: ﴿والنجم إذا هوى﴾، ﴿والليل إذ أدبر، والصبح إذا أسفر﴾، ﴿والقمر إذا تلاها﴾، والليل إذا يغشى، وما أشبهها. فإذا ظرف مستقبل، لا جائز أن يكون العامل فيه فعل القسم المحذوف، لأنه فعل إنشائي. فهو في الحال ينافي أن يعمل في المستقبل لإطلاق زمان العامل زمان المعمول، ولا جائز أن يكون ثم مضاف محذوف أقيم المقسم به مقامه، أي: وطلوع النجم، ومجيء الليل، لأنه معمول لذلك الفعل. فالطلوع حال، ولا يعمل فيه المستقبل ضرورة أن زمان المعمول زمان العامل، ولا جائز أن يعمل فيه نفس المقسم به لأنه ليس من قبيل ما يعمل، سيما إن كان جزماً، ولا جائز أن يقدر محذوف قبل الظرف فيكون قد عمل فيه، ويكون ذلك العامل في موضع الحال وتقديره: والنجم كائناً إذا هوى، والليل كائناً إذا يغشى، لأنه لا يلزم كائناً أن يكون منصوباً بالعامل، ولا يصح أن يكون معمولاً لشيء مما فرضناه أن يكون عاملاً. وأيضاً فقد يكون القسم به جثة، وظروف الزمان لا تكون أحوالاً عن الجثث، كما لا تكون أخباراً.
﴿قد أفلح من زكاها﴾، قال الزجاج وغيره: هذا جواب القسم، وحذفت اللام لطول الكلام، والتقدير: لقد أفلح. وقيل: الجواب محذوف تقديره لتبعثن. وقال الزمخشري: تقديره ليدمدمن الله عليهم، أي على أهل مكة، لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً. وأما ﴿قد أفلح من زكاها﴾ فكلام تابع لقوله: ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء، انتهى.