﴿إلا من رحم الله﴾، قال الكسائي: من رحم: منصوب على الاستثناء المنقطع، أي لكن من رحمه الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه من لعنهم من المخلوقين. قيل: ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً، أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين، فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض. وقال الحوفي: ويجوز أن يكون بدلاً من مولى المرفوع، ويكون يغني بمعنى ينفع. وقال الزمخشري: ﴿من رحم الله﴾، في محل الرفع على البدل من الواو في ﴿ينصرون﴾، أي لا يمنع من العذاب إلا من رحم الله؛ وقاله الحوفي قبله.
﴿إلا الموتة الأولى﴾ : هذا استثناء منقطع.
سورة الجاثية
سبعة وثلاثون آية مكية.
وقال أبو عبد الله الرازي: وقوله: العزيز الحكيم، يجوز جعله صفة لله، فيكون ذلك حقيقة؛ ﴿وإن جعلناه﴾ صفة للكتاب، كان ذلك مجازاً؛ والحقيقة أولى من المجاز، مع أن زيادة القرب توجب الرجحان. انتهى. وهذا الذي ردّد في قوله: ﴿وإن جعلناه﴾ صفة للكتاب لا يجوز. لو كان صفة للكتاب لوليه، فكان يكون التركيب: تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله، لأن من الله، إما أن يكون متعلقاً بتنزيل، وتنزيل خبر لحم، أو لمبتدأ محذوف، فلا يجوز الفصل به بين الصفة والموصوف، لا يجوز أعجبني ضرب زيد سوط الفاضل؛ أو في موضع الخبر، وتنزيل مبتدأ، فلا يجوز الفصل بين الصفة والموصوف أيضاً، لا يجوز ضرب زيد شديد الفاضل، والتركيب الصحيح في نحو هذا أن يلي الصفة موصوفها.