وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي: مستقر بكسر القاف والراء معاً صفة لأمر. وخرجه الزمخشري على أن يكون وكل عطفاً على الساعة، أي اقتربت الساعة، واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله، وهذا بعيد لطول الفصل بجمل ثلاث، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب، نحو: أكلت خبزاً وضربت زيداً، وأن يجيء زيد أكرمه ورحل إلى بني فلان ولحماً، فيكون ولحماً عطفاً على خبزاً، بل لا يوجد مثله في كلام العرب. وخرجه صاحب اللوامح على أنه خبر لكل، فهو مرفوع في الأصل، لكنه جر للمجاورة، وهذا ليس بجيد، لأن الخفض على الجوار في غاية الشذوذ، ولأنه لم يعهد في خبر المبتدأ، إنما عهد في الصفة على اختلاف النحاة في وجوده، والأسهل أن يكون الخبر مضمراً لدلالة المعنى عليه، والتقدير: وكل أمر مستقر بالغوه، لأن قبله: ﴿وكذبوا واتبعوا أهواءهم﴾ : أي وكل أمر مستقر لهم في القدر من خير أو شر بالغه هم. وقيل: الخبر حكمة بالغة، أي وكل أمر مستقر حكمة بالغة. ويكون: ﴿ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر﴾ اعتراض بين المبتدأ وخبره.
وقرأ الجمهور: ﴿حكمة بالغة﴾ برفعهما، وجوزوا أن تكون حكمة بدلاً من مزدجر أو من ما، أو خبر مبتدأ محذوف، وتقدم قول من جعله خبراً عن كل في قراءة من قرأ مستقر بالجر. وقرأ اليماني: حكمة بالغة بالنصب فيهما حالاً من ما، سواء كانت ما موصولة أم موصوفة تخصصت بالصفة.
﴿يوم يدع الداعي﴾، والناصب ليوم اذكر مضمرة، قاله الرماني، أو يخرجون.
وانتصب خشعاً وخاشعا وخاشعة على الحال من ضمير يخرجون، والعامل فيه يخرجون، لأنه فعل متصرف، وفي هذا دليل على بطلان مذهب الجرمى، لأنه لا يجوز تقدم الحال على الفعل وإن كان متصرفاً. وقد قالت العرب: شتى تؤب الحلبة، فشتى حال، وقد تقدمت على عاملها وهو تؤب، لأنه فعل متصرف، وقال الشاعر:
سريعاً يهون الصعب عند أولي النهيإذا برجاء صادق قابلوه البأسا