وكانت ولادته - ﷺ - في هذا العام.... (١)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة الفيل مكية، وهي تتحدث عن قصة " اصحاب الفيل " حين قصدوا هدم الكعبة المشرفة، فرد الله كيدهم في نحورهم، وحمى بيته من تسلطهم وطغيانهم، وأرسل على جيش " أبرهة الأشرم " وجنوده أضعف مخلوقاته، وهي الطير التي تحمل في أرجلها ومناقيرها حجارة صغيرة، ولكنها أشد فتكا وتدميرا من الرصاصات القاتلة، حتى أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم، وكأن ذلك الحدث التاريخى الهام، في عام ميلاد سيد الكائنات (محمد بن عبد الله ) صلوات الهن وسلامه عليه، سنة سبعين وخمسمائة ميلادية، وكان من أعظم الإرهاصات الدالة على صدق نبوته ( - ﷺ - ). (٢)
في السورة تذكير بما كان من نكال اللّه في أصحاب الفيل في معرض الإنذار. (٣)
أضواء من التاريخ على قصة أصحاب الفيل :
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ :" إنَّ أَبْرَهَةَ بَنَى كَنِيسَةً بِصَنْعَاءَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَسَمَّاهَا الْقُلَّيْسَ ؛ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فِي زَمَانِهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ ؛ وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ : إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كَنِيسَةً، لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا لِمَلِكٍ كَانَ قَبْلَكَ، وَلَسْتُ بِمُنْتَهٍ حَتَّى أَصْرِفَ إِلَيْهَا حَاجَّ الْعَرَبِ. فَلَمَّا تَحَدَّثَتِ الْعَرَبُ بِكِتَابِ أَبْرَهَةَ ذَلِكَ لِلنَّجَاشِيٍّ، غَضِبَ رَجُلٌ مِنَ النَّسَأَةِ أَحَدُ بَنِي فُقَيْمٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي مَلِكٍ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ، فَقَعَدَ فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَلَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ أَبْرَهَةُ بِذَلِكَ، فَقَالَ : مَنْ صَنَعَ هَذَا ؟ فَقِيلَ : صَنَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي تَحُجُّ الْعَرَبُ إِلَيْهِ بِمَكَّةَ، لَمَّا سَمِعَ مِنَ قَوْلِكَ : أَصْرِفُ إِلَيْهِ حَاجَّ الْعَرَبِ، فَغَضِبَ، فَجَاءَ فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ ؛ فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ، وَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إِلَى الْبَيْتِ فَيَهْدِمَهُ، وَعِنْدَ أَبْرَهَةَ رِجَالٌ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ قَدِمُوا عَلَيْهِ يَلْتَمِسُونَ فَضْلَهُ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَاعِيِّ بْنِ حُزَابَةَ الذَّكْوَانِيُّ، ثُمَّ السُّلَمِيُّ، فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، مَعَهُ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ خُزَاعِيِّ ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهُ، غَشِيَهُمْ عَبْدٌ لِأَبْرَهَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ فِيهِ بِغِذَائِهِ، وَكَانَ يَأْكُلُ الْخُصَى ؛ فَلَمَّا أَتَى الْقَوْمَ بِغِذَائِهِ، قَالُوا : وَاللَّهِ لَئِنْ أَكَلْنَا هَذَا لَا تَزَالُ تَسُبُّنَا بِهِ الْعَرَبُ مَا بَقِينَا، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ، فَجَاءَ أَبْرَهَةَ فَقَالَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ لَنَا، لَا نَأْكُلُ فِيهِ إِلَّا الْجُنُوبَ وَالْأَيْدِي، فَقَالَ لَهُ أَبْرَهَةُ : فَسَنَبْعَثُ إِلَيْكُمْ مَا أَحْبَبْتُمْ، فَإِنَّمَا أَكْرَمْتُكُمْ بِغِذَائِي، لِمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدِي. ثُمَّ إِنَّ أَبْرَهَةَ تَوَّجَ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَاعِيٍّ، وَأَمَّرَهُ عَلَى مُضَرَ، أَنْ يَسِيرَ فِي النَّاسِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى حَجِّ الْقُلَّيْسِ، كَنَيسَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا، فَسَارَ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ،

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٥ / ٥٠٩)
(٢) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٢٤)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ٤١)


الصفحة التالية
Icon