فَخَرَجُوا يَتَسَاقَطُونَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَيَهْلِكُونَ عَلَى كُلِّ مَنْهَلٍ، فَأُصِيبَ أَبْرَهَةُ فِي جَسَدِهِ، وَخَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ، فَسَقَطَتْ أَنَامِلُهُ أُنْمُلَةً أُنْمُلَةً، كُلَّمَا سَقَطَتْ أُنْمُلَةٌ أَتْبَعَتْهَا مِدَّةٌ تَمُثُّ قَيْحًا وَدَمًا، حَتَّى قَدِمُوا بِهِ صَنْعَاءَ، وَهُوَ مِثْلُ فَرْخِ الطَّيْرِ، فَمَا مَاتَ حَتَّى انْصَدَعَ صَدْرُهُ عَنْ قَلْبِهِ فِيمَا يَزْعُمُونَ " (١)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لِمَلِكِهِمْ : مَا جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا ؟ أَلَا بَعَثْتَ فَنَأْتِيَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ أَرَدْتَ ؟ فَقَالَ : أُخْبِرْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَمِنَ، فَجِئْتُ أُخِيفُ أَهْلَهُ، فَقَالَ : إِنَّا نَأْتِيكَ بِكُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُ، فَارْجِعْ. فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَانْطَلَقَ يَسِيرُ نَحْوَهُ، وَتَخَلَّفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَامَ عَلَى جَبَلٍ، فَقَالَ : لَا أَشْهَدُ مَهْلِكَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَهْلِهِ. ثُمَّ قَالَ :
اللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ إِلَهٍ حِلَالًا فَامْنَعْ حِلَالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ مِحَالُهُمْ أَبَدًا مِحَالَكْ
اللَّهُمَّ فَإِنْ فَعَلْتَ فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ
فَأَقْبَلَتْ مِثْلُ السَّحَابَةِ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ حَتَّى أَظَلَّتْهُمْ طَيْرٌ أَبَابِيلُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قَالَ : فَجَعَلَ الْفِيلُ يَعُجُّ عَجًّا فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ وَعِنْدِي فِي هَذَا قِصَّةٌ أُخْرَى طَوِيلَةٌ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِيمَا قَصَدْنَاهُ كِفَايَةٌ
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ قَالَ : طَيْرٌ لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفُّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ " *
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : طَيْرًا أَبَابِيلَ يَقُولُ :" يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا " وَفَى قَوْلِهِ : كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ يَقُولُ : التِّبْنُ
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ : طَيْرًا أَبَابِيلَ قَالَ : فِرَقٌ
وعَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ : طَيْرًا أَبَابِيلَ يَقُولُ : كَانَتْ طَيْرًا نَشَأَتْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ لَهَا مِثْلُ رُءُوسِ السِّبَاعِ، لَمْ تُرَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا بَعْدَهُ، فَأَثَّرَتْ فِي جُلُودِهِمْ أَمْثَالَ الْجُدَرِيِّ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَا رُئِيَ الْجُدَرِيُّ
وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ :" لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُهْلِكَ أَصْحَابَ الْفِيلِ بَعَثَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا نَشَأَتْ مِنَ الْبَحْرِ كَأَنَّهَا الْخَطَاطِيفُ، بُلْقٌ، كُلُّ طَيْرٍ مِنْهَا مَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ مُجَزَّعَةٍ، فِي مِنْقَارِهِ حَجَرٌ، وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ حَتَّى صَفَّتْ عَلَى رُءُوسِهِمْ ثُمَّ صَاحَتْ، وَأَلْقَتْ مَا فِي أَرْجُلِهَا وَمَنَاقِيرِهَا، فَمَا مِنْ حَجَرٍ وَقَعَ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ : إِنْ وَقَعَ

(١) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٣٥٢٦٣ ) بلاغاً


الصفحة التالية
Icon