وعلى هذا السّنن سار أهل مكة مع النبي - ﷺ -، فقد تخلف عنه سادتهم وكبراؤهم حسدا له ولقومه الأدنين.
(٢) إنهم كانوا إذا رأوا أبناءه يموتون، يقولون : انقطع ذكر محمد وصار أبتر، يحسبون ذلك عيبا فيلمزونه به ويحاولون تنفير الناس عن اتباعه.
(٣) إنهم كانوا إذا رأوا شدة نزلت بالمؤمنين طاروا بها فرحا وانتظروا أن تدول الدّولة عليهم وتذهب ريحهم، فتعود إليهم مكانتهم التي زعزعها الدين الجديد.
فجاءت هذه السورة لتؤكد لرسوله أن ما يرجف به المشركون وهم لا حقيقة له، ولتمحص نفوس الذين لم تصلب قناتهم، ولتردّ كيد المشركين فى نحورهم، ولتعلمهم أن الرسول منتصر لا محالة. وأن أتباعه هم المفلحون. (١)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ قَالَتْ قُرَيْشٌ : أَنَّهُ خَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَوْ خَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَيِّدُهُمْ، أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الَّذِي يَزْعُمَ إِنَّهَ خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَجِيجِ وَأَهْلُ السَّدَانَةِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ، أَمْ هَذَا الْمُنْبَتِرُ قَوْمَهُ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا. قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ فَنَزَلَتْ : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الْآيَةَ " (٢)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ : أَنْتَ خَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَيِّدُهُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالُوا : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الصُّنْبُورِ الْمُنْبَتِرِ مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا، وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَجِيجِ وَأَهْلُ السِّدَانَةِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ : فَأُنْزِلَتْ : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وَأُنْزِلَتْ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ إِلَى قَوْلِهِ : فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا " (٣)
وعَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ : لَمَّا أُوحِيَ إلَى النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَتْ قُرَيْشٌ : بُتِرَ مُحَمَّدٌ مِنَّا، فَنَزَلَتْ :﴿إنَّ شَانِئَك هُوَ الأَبْتَرُ﴾ : الَّذِي رَمَاك بِهِ هُوَ الأَبْتَرُ. (٤)
- - - - - - - - - - -
(٢) - تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٥٤٧٩ ) صحيح
(٣) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٨٩٥٣) صحيح
(٤) - مصنف ابن أبي شيبة (٢٣٥) - (١١ / ٥٠٨) (٣٢٤٥٦) صحيح مرسل