الرسول - ﷺ - خطة وسطا بينهم وبينه؛ وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتهم، وله فيهم وعليهم ما يشترط!
ولعل اختلاط تصوراتهم، واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه.. لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة، يمكن التفاهم عليها، بقسمة البلد بلدين، والالتقاء في منتصف الطريق، مع بعض الترضيات الشخصية!
ولحسم هذه الشبهة، وقطع الطريق على المحاولة، والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة، ومنهج ومنهج، وتصور وتصور، وطريق وطريق.. نزلت هذه السورة. بهذا الجزم. وبهذا التوكيد. وبهذا التكرار. لتنهي كل قول، وتقطع كل مساومة وتفرق نهائياً بين التوحيد والشرك، وتقيم المعالم واضحة، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير (١)
سبب النزول :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ قُرَيْشًا دَعَتْ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - إِلَى أَنْ يُعْطُوهُ مَالا فَيَكُونُ أَغْنَى رَجُلٍ بِمَكَّةَ، وَيُزَوِّجُوهُ مَا أَرَادَ مِنَ النِّسَاءِ وَيَطَأُونَ عَقِبَهُ، فَقَالُوا : هَذَا لَكَ عِنْدَنَا يَا مُحَمَّدُ، وَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا، وَلاَ تَذْكُرْهَا بِشَرٍّ، فَإِنْ بَغَضْتَ فَإِنَّا نَعْرِضُ عَلَيْكَ خَصْلَةً وَاحِدَةً، وَلَكَ فِيهَا صَلاحٌ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : تَعْبُدُ إِلَهَنَا سَنَةً اللاتَ وَالْعُزَّى، وَنَعْبُدُ إِلَهِكَ سَنَةً، قَالَ : حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَأْتِينِي مِنْ رَبِّي، فَجَاءَ الْوَحْي مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ : قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ السُّورَةَ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ[الزمر: ٦٤﴾ (٢)
عَنْ اِبْن عَبَّاس : إِنَّ قُرَيْشًا وَعَدُوا رَسُول اللَّه - ﷺ - أَنْ يُعْطُوهُ مَالًا، فَيَكُون أَغْنَى رَجُل بِمَكَّة، وَيُزَوِّجُوهُ مَا أَرَادَ مِنْ النِّسَاء، وَيَطَئُوا عَقِبه، فَقَالُوا لَهُ : هَذَا لَك عِنْدنَا يَا مُحَمَّد، وَكُفَّ عَنْ شَتْم آلِهَتنَا، فَلَا تَذْكُرهَا بِسُوءٍ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَل، فَإِنَّا نَعْرِض عَلَيْك خَصْلَة وَاحِدَة، فَهِيَ لَك وَلَنَا فِيهَا صَلَاح. قَالَ :" مَا هِيَ ؟ " قَالُوا : تَعْبُد آلِهَتنَا سَنَة : اللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَنَعْبُد إِلَهك سَنَة، قَالَ :" حَتَّى أَنْظُر مَا يَأْتِي مِنْ عِنْد رَبِّي "، فَجَاءَ الْوَحْي مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ :﴿ قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ السُّورَة، وَأَنْزَلَ اللَّه :﴿ قُلْ أَفَغَيْر اللَّه تَأْمُرُونِّي أَعْبُد أَيّهَا الْجَاهِلُونَ ﴾ إِلَى قَوْله :﴿ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ ﴾ [ الزمر / ٦٤ : ٦٦ ]. (٣)
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ : ثني سَعِيدُ بْنُ مِينَا مَوْلَى الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ :" لَقِيَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ
(٢) - المعجم الصغير للطبراني - (٢ / ٤٤) (٧٥١)
(٣) - تفسير الطبري - (٣٣ / ٣٧٤) (٢٩٥٦٣ ) صحيح