وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به. فأهلّ لبّيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وأهلّ الناس بهذا الذي يهلّون به فلم يردّ رسول اللّه عليهم شيئا منه. ولزم رسول اللّه تلبيته. قال جابر : لسنا ننوي إلّا الحج لسنا نعرف العمرة «٥» حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ : وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة : ١٢٥] فجعل المقام بينه وبين البيت وكان يقرأ في الركعتين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ : إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ [البقرة : ١٥٨] ابدأوا بما بدأ اللّه فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحّد اللّه وكبّره وقال :«لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلّا اللّه وحده. أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبّت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل عليها كما فعل على الصفا. حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال :
«لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك فقال : يا رسول اللّه العامنا هذا أم لأبد؟ فشبّك رسول اللّه - ﷺ - أصابعه واحدة في الأخرى وقال :
دخلت العمرة في الحج، مرتين. لا بل لأبد أبد»
«١». وقدم عليّ من اليمن ببدن النبي - ﷺ - فوجد فاطمة ممن حلّ ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر عليها فقالت : إن أبي أمرني بهذا، قال : فكان عليّ يقول بالعراق «٢» فذهبت إلى رسول اللّه محرّشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا رسول اللّه - ﷺ - فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال : صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قلت : اللّهمّ إني أهلّ بما أهلّ به رسولك قال : فإن معي الهدي فلا تحلّ. قال : فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليّ من اليمن والذي أتى به النبي - ﷺ - مائة. قال : فحلّ الناس كلهم وقصّروا إلّا النبي - ﷺ - ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية «١» توجّهوا إلى منى فأهلّوا بالحج وركب رسول اللّه - ﷺ - فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة «٢» فسار رسول اللّه - ﷺ - ولا تشكّ قريش إلّا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت تصنع في الجاهلية «٣» فأجاز رسول اللّه - ﷺ - حتى أتى عرفة فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له «٤» فأتى بطن الوادي «٥» فخطب الناس وقال :«إن دماءكم وأموالكم «٦» حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا كل شيء من


الصفحة التالية
Icon