حبشي مجدع إذا أقام فيكم كتاب اللّه. أرقّاءكم أرقّاءكم. أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون.
وإن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد اللّه ولا تعذبوهم. ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب فلعلّ بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه» وقال لبعض المسلمين حين رآه يتشدد في اختيار الجمرات «إيّاكم والغلوّ في الدين إنما أهلك من كان قبلكم. بالغلوّ في الدين». ومما رواه ابن هشام من زيادة في خطبته :«أيها الناس إن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا. ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم. فاحذروه على دينكم. أيها الناس إنما النسيء زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم اللّه فيحلوا ما حرم اللّه ويحرموا ما أحل اللّه. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه السموات والأرض. وإن عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى ورجب. أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا. من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه. أيها الناس لتعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين أخوة. فلا يحلّ لامرىء من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه. فلا تظلمن أنفسكم. ألا إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبدا. أمرا بينا. كتاب اللّه وسنّة نبيه. وهتف في آخر خطبته اللّهمّ هل بلّغت فهتف الناس نعم فقال اللّهمّ فاشهد» ومما رواه ابن هشام وفيه تعليم لمناسك الحج أن رسول اللّه - ﷺ - خرج لخمس بقين من ذي القعدة. وأن عائشة رضي اللّه عنها حاضت وبكت وقالت واللّه لوددت أني لم أخرج معكم عامي هذا فقال لا تقولن ذلك فإنك تقضين كلّ ما يقضى الحج. إلا أنك لا تطوفين بالبيت «١». وإن النبي حلّ كل من كان لا هدي له معه وحل نساءه بعمرة. ولم يحلّ هو معهم وقال إني أهديت ولبّدت فلا أحلّ حتى أنحر هديي وأن هدي رسول اللّه كان من البقر وقد نحره يوم النحر. وأن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه رجع من بعثه الذي بعثه به إلى اليمن أثناء الحجّ فأمره النبي أن يطوف ويحل كما فعل أصحابه. فقال له إني أهللت يا رسول اللّه كما أهللت فأعاد عليه القول فقال يا رسول اللّه إني قلت حين أحرمت اللّهمّ إني أهلّ بما أهلّ به نبيك وعبدك ورسولك. فقال فهل معك من هدي قال لا فأشركه رسول اللّه في هديه وثبت على إحرامه. وإن رسول اللّه قال حين وقف على المرتفع الذي وقف عليه هذا الموقف ثم قال وكل عرفة موقف. وقال حين وقف على هضبة صبيحة المزدلفة هذا الموقف ثم قال وكل المزدلفة موقف. ولما نحر بالمنحر بمنى قال هذا المنحر وكل منى منحر.
وهكذا كانت هذه الحجّة المباركة من أعظم مشاهد الرسالة المحمدية وتتويجا رائعا لها.


الصفحة التالية
Icon