أَقْيَشَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تَسْمَعُوا لَهُ، وَلَا تَتَّبِعُوهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.. (رواه الإمام أحمد) (١).
فهذا نموذج من نماذج كيد أبي لهب للدعوة وللرسول - ﷺ -، وكانت زوجته أم جميل في عونه في هذه الحملة الدائبة الظالمة. ( وهي أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان )..
ولقد اتخذ أبو لهب موقفه هذا من رسول الله - ﷺ - منذ اليوم الأول للدعوة. أخرج البخاري بإسناده عن ابن عباس، أن النبي - ﷺ - خرج إلى البطحاء، فصعد الجبل فنادى :« يا صباحاه » فاجتمعت إليه قريش، فقال :« أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم؟ أكنتم مصدقي؟ » قالوا : نعم. قال :« فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ». فقال أبو لهب. ألهذا جمعتنا؟ تباً لك. فأنزل الله ﴿ تبت يدا أبي لهب وتب.. ﴾ الخ. وفي رواية فقام ينفض يديه وهو يقول : تباً لك سائر اليوم! ألهذا جمعتنا؟! فأنزل الله السورة.
ولما أجمع بنو هاشم بقيادة أبي طالب على حماية النبي - ﷺ - ولو لم يكونوا على دينه، تلبية لدافع العصبية القبلية، خرج أبو لهب على إخوته، وحالف عليهم قريشا، وكان معهم في الصحيفة التي كتبوها بمقاطعة بني هاشم وتجويعهم كي يسلموا لهم محمداً - ﷺ -.
وكان قد خطب بنتي رسول الله - ﷺ - رقية وأم كلثوم لولديه قبل بعثة النبي - ﷺ - فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما حتى يثقل كاهل محمد بهما!
وهكذا مضى هو وزوجته أم جميل يثيرانها حرباً شعواء على النبي - ﷺ - وعلى الدعوة، لا هوادة فيها ولا هدنة.
وكان بيت أبي لهب قريباً من بيت رسول الله - ﷺ - فكان الأذى أشد. وقد روي أن أم جميل كانت تحمل الشوك فتضعه في طريق النبي؛ وقيل : إن حمل الحطب كناية عن سعيها بالأذى والفتنة والوقيعة.
نزلت هذه السورة ترد على هذه الحرب المعلنة من أبي لهب وامرأته. وتولى الله سبحانه عن رسوله - ﷺ - أمر المعركة! (٢)
سبب النزول :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الصَّفَا فَنَادَى :" " يَا صَبَاحَاهُ " "، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالَ :" " إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنِّي أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ

(١) - مسند أحمد (١٦٠٢٥ ) ضعيف
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٤٠٠٠)


الصفحة التالية
Icon