والأمطار وغير ذلك. قيل : إن تدبير أمر الدنيا إلى أربعة من الملائكة : جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل، فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود، وأما ميكائيل : فموكل بالقطر والنبات، وأما عزرائيل : فموكل بقبض الأنفس، وأما إسرافيل : فهو ينزل بالأمر عليهم.
وقال الحسن البصري : المراد بالكلمات الخمس : النجوم والكواكب في جريها وتنقلها بين الأبراج وسيرها في أفلاكها هادئة أو مسرعة أو مدبرة أمرا بأمر اللّه تعالى.
وإنما قال : أَمْراً، لا أمورا لأن المراد به الجنس، فيقوم مقام الجمع، وتدبير الأمر في الحقيقة للّه تعالى، وإنما أضيف إلى الملائكة لإتيانها به، ولأنها من أسبابه.
وجواب القسم محذوف، أي لتبعثن بعد الموت، بدليل إنكارهم البعث كما حكى اللّه عنهم فيما بعد بقوله : أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً [١١] أي انبعث بعد نخر العظام ؟
وإنما عطف الثلاثة الأولى بالواو، والباقيتين بالفاء لأن هاتين مسببتان عن التي قبلها، كما قال الزمخشري.
يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ أي حين تتحرك الأرض وتضطرب الجبال، كقوله تعالى : يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ [المزمل ٧٣/ ١٤] ثم تتلوها السماء، فتنشق بما فيها من الكواكب وتنتثر. وقيل : الرَّاجِفَةُ : هي النفحة الأولى التي يموت بها جميع الخلائق، وتليها النفخة الثانية التي يكون عندها البعث.
عَنْ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ، يَرُدُّهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ قَالَ :" لَمَّا كَانَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - صَلَاةَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ قَالَ :" إِنَّا قَائِمُونَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَقُومَ فَلْيَقُمْ " وَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَصَلَّى لَنَا النَّبِيُّ - ﷺ - جَمَاعَةً بَعْدَ الْعَتْمَةِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ [ ثُمَّ انْصَرَفَ ]، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ لَمْ يَقُلْ [ لَمْ يُصَلِ ] شَيْئًا وَلَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ [ فَ ] قَالَ :" إِنَّا قَائِمُونَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " يَعْنِي لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقُمْ فَصَلَّى النَّبِيُّ - ﷺ - لَمَّا [ حَتَّى ] ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ لَمْ يَقُلْ [ شَيْئًا ] وَلَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ [ صَلَاةِ ] الْعَصْرِ يَوْمَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ قَامَ فَقَالَ :" إِنَّا قَائِمُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " يَعْنِي لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ " فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقُمْ " قَالَ أَبُو ذَرٍّ : فَتَجَلَّدْنَا لِلْقِيَامِ، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ - ﷺ - حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى قُبَّتِهِ [ فِي ] الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنْ كُنَّا لَقَدْ طَمِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَقُومَ بِنَا إِلَى الصُّبْحِ، فَقَالَ :" يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ مَعَ إِمَامِكَ وَانْصَرَفْتَ كُتِبَ لَكَ قُنُوتُ لَيْلَتِكَ " (١)

(١) - مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ لِلطَّبَرَانِيِّ (٩٤٦ ) صحيح لغيره


الصفحة التالية
Icon