في طريقهم إلى حياتهم؟ ويدهشون : كيف يكون هذا بعد إذ كانوا عظاماً نخرة. منخوبة يصوت فيها الهواء؟!
ولعلهم يفيقون، أو يُبصرون، فيعلمون أنها كرة إلى الحياة، ولكنها الحياة الأخرى، فيشعرون بالخسارة والوبال في هذه الرجعة، فتند منهم تلك الكلمة :﴿ قالوا : تلك إذن كرة خاسرة ﴾ !
كرة لم يحسبوا حسابها، ولم يقدموا لها زادها، وليس لهم فيها إلا الخسران الخالص!
هنا في مواجهة هذا المشهد يعقب السياق القرآني بحقيقة ما هو كائن :﴿ فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة ﴾..
والزجرة : هي الصيحة. ولكنها تقال هنا بهذا اللفظ العنيف تنسيقاً لجو المشهد مع مشاهد السورة جميعاً. والساهرة هي الأرض البيضاء اللامعة. وهي أرض المحشر، التي لا ندري نحن أين تكون.
والخبر عنها لا نعرفه إلا من الخبر الصادق نتلقاه، فلا نزيد عليه شيئاً غير موثوق به ولا مضمون!
وهذه الزجرة الواحدة يغلب بالاستناد إلى النصوص الأخرى أنها النفخة الثانية. نفخة البعث والحشر. والتعبير عنها فيه سرعة. وهي ذاتها توحي بالسرعة. وإيقاع السورة كلها فيه هذا اللون من الإسراع والإيجاف. والقلوب الواجفة تأخذ صفتها هذه من سرعة النبض، فالتناسق ملحوظ في كل حركة وفي كل لمحة، وفي كل ظل في السياق! (١)
ما ترشد إليه الآياتُ
١- بيان أن الله تعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته بخلاف العبد لا يجوز له أن يقسم بغير ربه تعالى.
٢- بيان أن روح المؤمن تنزع عند الموت نزعاً سريعاً لا يجد من الألم ما يجده الكافر.
٣- تقرير عقيدة البعث والجزاء بالإِقسام عليها وذكر كيفية وقوعها.
٤- في يوم القيامة الرهيب ترجف الأرض والجبال، وتتحرك وتضطرب، وتتبعها السماء، فتنشق وتنتثر، والأرض : هي الراجفة
٥- تكون قلوب الكفار الذين ماتوا على غير دين الإسلام خائفة وجلة، وأبصار أصحابها منكسرة ذليلة من هول ما ترى.