إثبات البعث بخلق السموات والأرض والجبال
قال تعالى :
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣)
المناسبة :
بعد بيان قصة موسى وفرعون، عاد إلى مخاطبة منكري البعث محتجا عليهم ببدء الخلق على إعادته، فإنه تعالى خلق السموات البديعة، والأرض الوسيعة المعدّة للاستقرار والحياة عليها بإعداد وسائل المعيشة فيها، وخلق الجبال الرواسي لإرساء الأرض وتثبيتها.
المفردات :
٢٨... رَفَعَ سَمْكَهَا... جعلها عالية البناء
٢٨... فَسَوَّاهَا... مستوية الأرجاء بلا عيب
٢٩... أَغْطَشَ لَيْلَهَا... جعله مظلما حالك السواد
٢٩... وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا... أنار نهارها جعله مضيئا نيرا
٣٠... دَحَاهَا... بسطها وأخرج منها الماء والمرعى
٣٢... أَرْسَاَها... أثبتها
المعنى الإجمالي :
بعد أن قص على المشركين قصص موسي عليه السلام مع فرعون وأومأ بهذا القصص إلى أنهم لا يعجزون الذي أخذ من فرعون ونكل به وجعله عبرة للباقين، وسلى به رسوله حتى لا يحزن لتكذيب قومه له، وعدم إيمانهم بما جاءهم به، أخذ يخاطب منكرى البعث، وينبههم إلى أنه لا ينبغى لهم أن يجحدوه فإن بعثهم هين إذا أضيف إلى خلق السموات التي تدل بحسن نظامها وجلالها، على حكمة مبدعها وعظيم قدرته، وواسع حكمته، وإلى خلق الأرض التي دحاها بعدها وجعلها معدة للسكنى، وهيأ فيها وسائل المعيشة للإنسان والحيوان، فأخرج منها الماء الذي به حياة كل شيء وأنبت فيها النبات الذي به قوام الإنسان والحيوان. (١)
التفسير والبيان :
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها، رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ؟ أي هل أنتم أيها الناس أصعب خلقا بعد الموت، وبعثكم أشدّ عندكم وفي تقديركم من خلق السماء ؟

(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٣٠)


الصفحة التالية
Icon