الْأَبْيَضِ، ثُمَّ لَا تَقْرَأْهُ وَلَا تُقْرِئْهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، فَلَئِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقْرَأْتَهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَأُنْهِكَنَّكَ عُقُوبَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ : اجْلِسْ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ : انْطَلَقْتُ أَنَا فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فِي أَدِيمٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، :" مَا هَذَا فِي يَدِكَ يَا عُمَرُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كِتَابٌ انْتَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عَلِمْنَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ أُغْضِبَ نَبِيُّكُمْ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، السِّلَاحَ السِّلَاحَ، فَجَاءُوا حَتَّى أَحْدَقُوا بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِيمَهُ وَاخْتُصِرَ لِيَ اخْتِصَارًا، وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَلَا يَقْرَبُكُمُ الْمُتَهَوِّكُونَ ". قَالَ عُمَرُ : فَقُمْتُ فَقُلْتُ : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِكَ رَسُولًا، ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ، - ﷺ - " (١)
موقف العلماء من الإسرائيليات
اختلفت موافق العلماء، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء :
أ- فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها، ورأى أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها، مثل ابن جرير الطبري.
ب- ومنهم من أكثر منها، وجردها من الأسانيد غالبا، فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال شيخ الإسلام ابن تيميه (٢) عن تفسيره : إنه مختصر من الثعلبي، لكنه صانه عن الأحاديث الموضوعية والآراء المبتدعة، وقال عن الثعلبي : إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع.
ج- ومنهم من ذكر كثيرا منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير.
د- ومنهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا.
وقد اتفقت كلمة العلماء المعاصرين على رد ما خلف شرعنا :
قال السيد رحمه الله :
" فأما كيف وقعت هذه الآيات، فليس لنا وراء النص القرآني شيء. ولم نجد في الأحاديث المرفوعة إلى رسول الله - ﷺ - عنها شيئاً. ونحن على طريقتنا في هذه "الظلال" نقف عند حدود النص القرآني في مثل هذه المواضع. لا سبيل لنا إلى شيء منها إلا من طريق الكتاب أو السنة الصحيحة. وذلك تحرزاًمن الإسرائيليات والأقوال والروايات التي لا أصل لها ; والتي تسربت
(٢) - مجموع الفتاوى (١٣/٣٠٤).