* ابتدأت السورة الكريمة بتنزيه الله جل وعلا، الذي خلق فأبدع، وصور فأحسن، وأخرج العشب، والنبات، رحمة بالعباد [ سبح اسم ربك الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى الآيات
ثم تحدثت عن الوحي والقرآن، وآنست الرسول ( - ﷺ - ) بالبشارة بتحفيظه هذا الكتاب المجيد، وتيسير حفظه عليه، بحيث لا ينساه أبدا [ سنقرئك فلا تنسى، إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى
* ثم أمرت بالتذكير بهذا القرآن، الذي يستفيد من نوره المؤمنون، ويتعظ بهديه المتقون، [ فذكر إن نفعت الذكرى، سيذكر من يخشى، ويتجنبها الأشقى ] الآيات.
* وختمت السورة ببيان فوز من طهر نفسه من الذنوب والآثام، وزكاها بصالح الأعمال [ قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى ] إلى نهاية السورة الكريمة. (١)
تتضمن السورة أمر النبي - ﷺ - بتقديس اسم اللّه، وإيذانا له بأن اللّه ميسره في طريق اليسر، وأمره بالتذكير وتبشير المستجيبين بالفلاح وإنذار المتمردين بالنار.
وأسلوبها يلهم أنها بسبيل عرض عام للدعوة وأهدافها ومهمة النبي - ﷺ -. وليس فيها مواقف ومشاهد جدلية، ولعلها نزلت بعد الفاتحة. أو نزلت قبل نزول ما تضمن حكاية مواقف الكفار وأقوالهم والرد عليهم. (٢)
إيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد..
وحق له - ﷺ - أن يحبها، وهي تحمل له من البشريات أمرا عظيما. وربه يقول له، وهو يكلفه التبليغ والتذكير:(سنقرئك فلا تنسى - إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى - ونيسرك لليسرى. فذكر إن نفعت الذكرى).. وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن، ورفع هذه الكلفة عن عاتقه. ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة. وهو أمر عظيم جدا.
وحق له - ﷺ - أن يحبها، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني: من توحيدالرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي، وتقرير الجزاء في الآخرة. وهي مقومات العقيدة الأولى. ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان:(إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى).. فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها.. طبيعة اليسر والسماحة..
وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ; ووراءها مجالات بعيدة المدى.. (٣)

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٤٧٩)
(٢) - التفسير الحديث، ج ١، ص : ٥١١
(٣) - في ظلال القرآن - (٢ / ١٨)


الصفحة التالية
Icon