الآثار والنتائج كما تنشئ الأسباب والمقدمات سواء: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.. وما تشاءون إلا أن يشاء الله.. والمؤمن يأخذ بالأسباب لأنه مأمور بالأخذ بها. والله هو الذي يقدر آثارها ونتائجها.. والاطمئنان إلى رحمة الله وعدله وإلى حكمته وعلمه هو وحده الملاذ الأمين، والنجوة من الهواجس والوساوس: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا، والله واسع عليم..
ومن ثم عشت - في ظلال القرآن - هادئ النفس، مطمئن السريرة، قرير الضمير.. عشت أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر. عشت في كنف الله وفي رعايته. عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها.. أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؟.. وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه.. فعال لما يريد.. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. إن الله بالغ أمره.. ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها.. أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه.. ومن يهن الله فما له من مكرم.. ومن يضلل الله فما له من هاد.. إن الوجود ليس متروكا لقوانين آلية صماء عمياء. فهناك دائما وراء السنن الإرادة المدبرة، والمشيئة المطلقة.. والله يخلق ما يشاء ويختار. كذلك تعلمت أن يد الله تعمل. ولكنها تعمل بطريقتها الخاصة ؛ وأنه ليس لنا أن نستعجلها ؛ ولا أن نقترح على الله شيئا. فالمنهج الإلهي - كما يبدو في ظلال القرآن - موضوع ليعمل في كل بيئة، وفي كل مرحلة من مراحل النشأة الإنسانية، وفي كل حالة من حالات النفس البشرية الواحدة.. وهو موضوع لهذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض، آخذ في الاعتبار فطرة هذا الإنسان وطاقاته واستعداداته، وقوته وضعفه، وحالاته المتغيرة التي تعتريه.. إن ظنه لا يسوء بهذا الكائن فيحتقر دوره في الأرض، أو يهدر قيمته في صورة من صور حياته، سواء وهو فرد أو وهو عضو في جماعة. كذلك هو لا يهيم مع الخيال فيرفع هذا الكائن فوق قدره وفوق طاقته وفوق مهمته التي أنشأه الله لها يوم أنشأه.. ولا يفترض في كلتا الحالتين أن مقومات فطرته سطحية تنشأ بقانون أو تكشط بجرة قلم !.. الإنسان هو هذا الكائن بعينه. بفطرته وميوله واستعداداته يأخذ المنهج الإلهي بيده ليرتفع به إلى أقصى درجات الكمال المقدر له بحسب تكوينه ووظيفته، ويحترم ذاته وفطرته ومقوماته، وهو يقوده في طريق الكمال الصاعد إلى الله.. ومن ثم فإن المنهج الإلهي موضوع للمدى الطويل - الذي يعلمه خالق هذا الإنسان ومنزل هذا القرآن - ومن ثم لم يكن معتسفا ولا