ويلاحظ أَن هذا اللون الأخير هو قنطرة بين تقرير حالهم وما ينتظرهم في مآلهم. فقد جاء بعده :﴿ كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً... الخ ﴾.. فهو وسط في شدة التنغيم بين التقرير الأول والتهديد الأخير!
ومن هذا الاستعراض السريع تبدو الألوان المتعددة في مشاهد السورة. وإيقاعاتها في تعبيرها وفي تنغيمها.. كما يبدو تعدد نظام الفواصل وتغير حروف القوافي. بحسب تنوع المعاني والمشاهد. فالسورة من هذا الجانب نموذج واف لهذا الأفق من التناسق الجمالي في التعبير القرآني. فوق ما فيها عموماً من جمال ملحوظ مأنوس! (١)
فضلها :
عن جَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رضى الله عنه - كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - ﷺ - ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلاَةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ - قَالَ - فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاَةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِىَّ - ﷺ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّى مُنَافِقٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - ﷺ - « يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ - ثَلاَثًا - اقْرَأْ ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) و( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) وَنَحْوَهَا » صحيح البخارى (٢).
وعَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، قَالَا : عَنْ جَابِرٍ، قَالَ : صَلَّى مُعَاذٌ صَلَاةً، فَجَاءَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ فَطَوَّلَ، فَصَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ : مُنَافِقٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -، فَسَأَلَ الْفَتَى، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فَطَوَّلَ عَلَيَّ، فَانْصَرَفْتُ وَصَلَّيْتُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَعَلَفْتُ نَاضِحِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - لِمُعَاذٍ :" أَفَتَّانًا يَا مُعَاذُ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْفَجْرِ، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ؟ " السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي (٣).
- - - - - - - - - - -
(٢) - صحيح البخارى- المكنز(٦١٠٦ )
(٣) - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي(١٠٢٩٣ ) صحيح