مبدأ الاختيار وطريق النجاة في الآخرة
قال تعالى :
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)
المناسبة :
بعد توبيخ الإنسان وذمه على طبائع غريبة وعجيبة، أقام اللَّه تعالى الدليل على كمال قدرته بخلق الأعين واللسان والشفتين والعقل المميز بين الخير والشر، ومنحه الخيار للإنسان ليثبت ذاتيته، ويتحرر من عبودية أهوائه وشهواته، وليعرف البشر أنه تعالى مصدر لأفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل.
ثم بيّن اللَّه تعالى أنه كان على الإنسان بعدئذ أن يشكر هذه النعم، ويختار طريق الخير والسعادة، فيبادر إلى الإيمان والعمل الصالح، ومنه إعتاق أو تحرير الرقاب، وإطعام الأيتام الأقارب والمساكين المحتاجين، والتواصي بالرحمة على الناس، وأدى اختيار الإنسان بالتالي إلى أن يكون من أحد الفريقين : أصحاب اليمين والسعادة ومآلهم إلى الجنة، وأصحاب الشمال والشقاوة ومآلهم إلى النار. (١)
المفردات :
١٠... هَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ... بينا له طريق الخير وطريق الشر
١١... فلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ... أي لم يقتحمها، أو : أفلا سلك طريق النجاة
١١... العَقَبَةُ... النجاة من النار
١٢... فَكُّ رَقَبَةٍ... عتق رقبة، فإذا فعل فقد نجا من النار
١٤... مَسْغَبَةٍ... مجاعة - السغب : الجوع
١٥... مَقْرَبَةٍ... قرابة
١٦... مَتْرَبَةٍ... فقر : أي من شدة فقره كأنه التصق بالتراب
١٧... تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ... يوصي بعضهم بعضا بالصبر
١٧... تَوَاصَوا بِالمَرْحَمَةِ... يوصي بعضهم بعضا بالرحمة

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٤٩)


الصفحة التالية
Icon