١- ختم اللَّه سبحانه سورة البلد بتعريف أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، ثم أوضح المراد من الفريقين في سورة الشمس بعمل كل منهما حيث قال : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها.
٢- أبان اللَّه تعالى في آخر آيات السورة السابقة مصير أو مآل الكفار في الآخرة وهو النار، وذكر تعالى في أواخر هذه السورة عقاب بعض الكفار في الدنيا، وهو الهلاك، فاختتمت السابقة بشيء من أحوال الكفار في الآخرة، واختتمت هذه بشيء من أحوالهم في الدنيا. (١)
ما اشتملت عليه السورة :
تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبهم عذاب بإشراكهم وتكذيبهم برسالة محمد ( - ﷺ - ) كما أصاب ثمودا بإشراكهم وعتوِّهم على رسول الله ( - ﷺ - ) الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيد الخبر بالقَسم بأشياء معظمة وذكر من أحوالها ما هو دليل على بديع صنع الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره فهو دليل على أنه المنفرد بالإلاهية والذي لا يستحق غيره الإِلاهية وخاصة أحوال النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضلال والسعادة والشقاء. (٢)
* إبتدأت السورة الكريمة بالقسم بسبعة أشياء من مخلوقات الله جل وعلا، فأقسم تعالى بالشمس وضوئها الساطع، وبالقمر إذا أعقبها وهو طالع، ثم بالنهار إذا جلا ظلمة الليل بضيائه، وبالليل إذا غطى الكائنات بظلامه، ثم بالقادر الذي أحكم بناء السماء بلا عمد، وبالأرض الذي بسطها على ماء جمد، وبالنفس البشرية التي كملها الله، وزينها بالفضائل والكمالات، أقسم بهذه الأمور على فلاح الإنسان ونجاحه إذا اتقى الله، وعلى شقاوته وخسرانه إذا طغى وتمرد، وفسق وفجر.
* ثم ذكر تعالى قصة [ ثمود ] قوم صالح حين كذبوا رسولهم، وطغوا وبغوا في الأرض وعقروا الناقة التي خلقها الله تعالى من صخر أصم معجزة لرسوله صالح عليه السلام، وما كان من أمر هلاكهم الفظيع الذي بقى عبرة لمن يعتبر، وهو نموذج لكل كافر فاجر، مكذب لرسل الله [ كذبت ثمود بطغواها. إذ انبعث أشقاها. فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها. فكذبوه فعقروها.. ] الآيات.
* وقد ختمت السورة الكريمة بأنه تعالى لا يخاف عاقبة إهلاكهم وتدميرهم، لأنه [ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ] ولهذا قال سبحانه :[ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها ]. (٣)
(٢) - التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (٣٠ / ٣٦٥)
(٣) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٤٩٢)