قد أعذر من أنذر
قال تعالى :
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)
سبب النزول : نزول الآية (١٧) وَسَيُجَنَّبُهَا :
وعَنْ عُرْوَةَ،"أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَعْتَقَ سَبْعَةً كُلَّهُمْ يُعَذَّبَ فِي اللَّهِ، بِلالًا، وَعَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، وَالنَّهْدِيَّةَ وَابْنَتَهَا، وَزِنِّيرَةَ، وَأُمَّ عِيسَى، وَأَمَةَ بَنِي الْمُؤَمِّلِ، وَفِيهِ نَزَلَتْ: " وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى "، إِلَى آخَرِ السُّورَةِ". (١)
سبب النزول : نزول الآية (١٩) وما لأحد
عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى "
وعَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ، أَعْتَقَ نَاسًا لَمْ يَلْتَمِسْ مِنْهُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً، مِنْهُمْ بِلَالٌ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ " (٢)
المناسبة :
بعد أن عرّف اللَّه تعالى أن سعي الناس شتى في العواقب، وبيّن ما للمحسن من اليسرى وما للمسيء من العسرى، أخبر أنه قد قام بما عليه من البيان والدلالة، والترغيب والترهيب، والإرشاد والهداية، وأعلم أنه مالك الدنيا والآخرة، ولا يزيد في ملكه اهتداء الناس، ولا يضره ترك اهتداءهم بهداه، ويعطي ما يشاء لمن يشاء، فتطلب سعادة الدارين منه.
ثم أنذر الناس جميعا بعذاب النار، وأبان من يصلاها ويحترق بها، ومن يبعد عنها ويسلّم من عذابها، وقد أعذر من أنذر. (٣)
المفردات :
١٢... إِنَّ عَلَينَا لَلْهُدَى... أن نبين الحلال والحرام
١٣... وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى... لنا ملك الدنيا والآخرة
١٤... فَأَنْذَرْتُكُمْ... خوفتكم

(١) - تفسير ابن أبي حاتم - (١٢ / ٤٢١) والدر المنثور - (١٠ / ٢٨٢)
(٢) - الْبَحْرُ الزَّخَّارُ مُسْنَدُ الْبَزَّارِ (١٩٥٢ ) وجَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (٣٤٧٩٨ و٣٤٧٩٩ ) الأول حسن والثاني صحيح مرسل
(٣) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٧٥)


الصفحة التالية
Icon