ووصفُ الأهوال الحاصلة عند البعث من عذاب الطاغين مع مقابلة ذلك بوصف نعيم المؤمنين.
وصفةِ يوم الحشر إنذاراً للذين جحدوا به والإِيماء إلى أنهم يعاقبون بعذاب قريب قبل عذاب يوم البعث.
وأدمج في ذلك أن علم الله تعالى محيط بكل شيء ومن جملة الأشياء أعمال الناس. (١)
مناسبتها لما قبلها :
تظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها وهي المرسلات من وجوه ثلاثة :
١- تشابه السورتين في الكلام عن البعث وإثباته بالدليل، وبيان قدرة اللّه عليه، وتوبيخ الكفار المكذبين به، ففي المرسلات : أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ، أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً، وفي هذه قال : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً.. الآيات [٦- ١٦].
٢- اشتراك السورتين في وصف الجنة والنار، ونعيم المتقين وعذاب الكافرين، ووصف يوم القيامة وأهواله.
٣- فصّلت هذه السورة ما أجمل في السورة المتقدمة، فقال تعالى في المرسلات : لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ، لِيَوْمِ الْفَصْلِ، وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ [١٢- ١٤] وقال سبحانه في هذه السورة : إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً [١٧] إلى آخر السورة.
وقال الخطيب :"مناسبتها لما قبلها كانت سورة « المرسلات » قبل هذه السورة ـ حديثا متصلا عن المشركين، وكانت نهاية هذا الحديث معهم أن القى بهم فى جهنم، وأخذ كل منهم مكانه فيها.. ثم أعيدوا إلى مكانهم من هذه الحياة الدنيا، حيث يأكلون ويتمتعون، كما تأكل الأنعام، دون أن يكون لهم من تلك الرحلة المشئومة بهم إلى جهنم، وما رأوا من أهوالها ـ ما يغير شيئا مما فى أنفسهم من ضلال وعناد، فما زالوا على موقفهم من آيات اللّه التي تتلى عليهم، وما زالوا فى تكذيب لرسول اللّه، وفى عجب واستنكار، حتى ليتساءل الوجود كله : إذن فبأى حديث بعد هذا الحديث يؤمن هؤلاء الضالون المكذبون؟
و تجى ء سورة « النبأ » بعد هذا التساؤل الاستنكارى لنمسك بهم وهم فى حديث عن هذا الحديث، وفى بلبلة واضطراب من أمره، وفى تنازع واختلاف فيه، لا يجدون ـ حتى فى أودية الزور والبهتان ـ الكلمة التي يقولونها فيه، والتهمة التي يلصقونها به.. إن أية قولة زور يزينها لهم الشيطان ليلقوا بها فى وجه القرآن، لتسقط على رءوسهم، كما يسقط الحصى برمى به فى وجه الشمس، ليخفى ضوءها، أو يعطل مسيرتها.." (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
(٢) - التفسير القرآني للقرآن - (٢ / ٤١٥)