[المائدة]، إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ اللَّهُ : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلاَ نَسُوؤُكَ.
وفي رواية عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - تَلاَ قَوْلَ اللهِ جَلَّ وَعَلاَ فِي إِبْرَاهِيمَ :﴿إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم]، وَقَالَ عِيسَى :﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ﴾ [المائدة] فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ : يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - ﷺ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيهِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوؤُكَ." (١)
٨- عدد اللَّه تعالى نعمه ومننه على نبيه محمد - ﷺ -، وذكر منها في السورة ثلاثا هي الإيواء بعد اليتم، والهدى بعد الغفلة، والإغناء بعد الفقر.
أما الإيواء فقد تكفله بعد موت أبيه وأمه جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب فكفله وآزره، ودفع عنه الأذى.
وأما الهدى فهو بيان القرآن والشرائع، فهداه اللَّه إلى أحكام القرآن وشرائع الإسلام، بعد الجهل بها والغفلة عنها. وليس معنى الضلالة الكفر أو كونه على دين قومه لأن الأنبياء معصومون عن ذلك. واتفق جمهور العلماء على أنه - ﷺ - ما كفر باللَّه لحظة واحدة. وقالت المعتزلة : هذا غير جائز عقلا، لما فيه من التنفير.
وأما الإغناء فهو الإمداد بالفضل والمال والرزق بالتجارة في مال خديجة رضي اللَّه عنها. وفي زمان الرسالة أغناه بمال أبي بكر، ثم بمال الأنصار بعد الهجرة، ثم بالغنيمة.
والحكمة في اختيار اليتم له : أن يعرف قدر اليتامى، ويقوم بحقهم وصلاح أمرهم. ثم إن اليتم والفقر نقص في حق الناس عادة، فلما صار محمد عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا، وأكرم الخلق، مع هذين الوصفين، كان ذلك قلبا للعادة، فكان من جنس المعجزات.
٩- أدّب اللَّه نبيه محمدا - ﷺ - بأن يتعامل مع الخلق مثل معاملة اللَّه معه، فأمره بألا يظلم اليتيم، ويدفع إليه حقه، ويذكر أنه كان يتيما مثله. ودلت الآية على طلب اللطف باليتيم وبره والإحسان إليه.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، " أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ قَالَ : كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ لِبَعْلِهَا فِي الْجَمَالِ، كَالْمَلِكِ الْمُتَوَّجِ بِالتَّاجِ الْمُخَوَّصِ بِالذَّهَبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ السُّوءَ لِبَعْلِهَا كَالْحِمْلِ الثَّقِيلِ عَلَى ظَهْرِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَأَنَّ