* وتناولت السورة دعوة الرسول ( - ﷺ - ) وهو بمكة يقاسي مع المؤمنين الشدائد والأهوال من الكفرة المكذبين، فآنسه بقرب الفرج، وقرب النصر على الأعداء [ فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا ] الآيات. وختمت بالتذكير للمصطفى ( - ﷺ - ) بواجب التفرغ لعبادة الله، بعد إنتهائه من تبليغ الرسالة، شكرا لله على ما أولاه من النعم الجليلة [ فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب ] وهو ختام كريم، لنبى عظيم. (١)
في السورة تطمين لنفس النبي - ﷺ - وتذكيره بعناية اللّه به. وبينها وبين سابقتها تماثل حتى لكأنها امتداد لها وحتى لقد روي أن السورتين سورة واحدة غير أن المتواتر أنهما سورتان، تفصل بينهما بسملة مثل سائر السور. (٢)
مقصودها تفصيل ما في آخر الضحى من النعمة، وبيان ان المراد بالتحديث ببها هو شكرها بالنصب في عبادة الله والرغبة إليه بتذكر إحسانه وعظيم رحمته بوصف الربوبية وامتنانه، وعلى ذلك دل اسمها الشرح ) بسم الله ( الذي جل أمره وتعالى جده ولا إله غيره فعظم ما له من إنعام ) الرحمن ( الذي أفاض جوده على سائر خلقه لأنه ذو الجلال والإكرام ) الرحيم ( الذي إلى أهل حضرته بخاص رحمته في مقامات الاختصاص إلى أعلى مقام. (٣)
نزلت هذه السورة بعد سورة الضحى. وكأنها تكملة لها. فيها ظل العطف الندي. وفيها روح المناجاة الحبيب. وفيها استحضار مظاهر العناية. واستعراض مواقع الرعاية. وفيها البشرى باليسر والفرج. وفيها التوجيه إلى سر اليسر وحبل الاتصال الوثيق..
﴿ ألم نشرح لك صدرك؟ ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك؟ ورفعنا لك ذكرك؟ ﴾
وهي توحي بأن هناك ضائقة كانت في روح الرسول - ﷺ - لأمر من أمور هذه الدعوة التي كلفها، ومن العقبات الوعرة في طريقها؛ ومن الكيد والمكر المضروب حولها.. توحي بأن صدره - ﷺ - كان مثقلاً بهموم هذه الدعوة الثقيلة، وأنه كان يحس العبء فادحاً على كاهله. وأنه كان في حاجة إلى عون وزاد ورصيد..
ثم كانت هذه المناجاة الحلوة، وهذا الحديث الودود! (٤)
فضلها :
قَالَ الْحَسَنُ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - :" أَبْشِرُوا أَتَاكُمُ الْيُسْرُ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ "

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٠١)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (١ / ٥٥٨)
(٣) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٨ / ٤٦٠)
(٤) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٦ / ٣٩٢٩)


الصفحة التالية
Icon