ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت هذه السورة المكية بيان أمور ثلاثة متعلقة بالإنسان وعقيدته :
١- تكريم النوع الإنساني، حيث خلق اللَّه الإنسان في أحسن صورة وشكل، منتصب القامة، سويّ الأعضاء، حسن التركيب : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.. [١- ٤].
٢- بيان انحدار مستوى الإنسان وزجّ نفسه في نيران جهنم بسبب كفره باللَّه تعالى ورسوله - ﷺ -، وإنكاره البعث والنشور، بالرغم من توافر الأدلة القاطعة على قدرة اللَّه عزّ وجلّ بخلق الإنسان في أحسن تقويم : ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ [٥].
واستثناء الذين آمنوا وعملوا الصالحات : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [٦].
٣- إعلان مبدأ العدل المطلق في ثواب المؤمنين، وتعذيب الكافرين : فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [٧- ٨].
وقال ابن عاشور :
" احتوت هذه السورة على التنبيه بأن الله خلق الإنسان على الفطرة المستقيمة ليعلموا أن الإسلام هو الفطرة كما قال في الآية الأخرى ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] وأن ما يخالف أصوله بالأصالة أو بالتحريف فساد وضلال، ومتبعي ما يخالف الإسلام أهل ضلالة.
والتعريض بالوعيد للمكذبين بالإسلام.
والإشارة بالأمور المقسم بها إلى أطوار الشرائع الأربعة إيماء إلى أن الإسلام جاء مصدقا لها وأنها مشاركة أصولها لأصول دين الإسلام.
والتنويه بحسن جزاء الذين اتبعوا الإسلام في أصوله وفروعه.
وشملت الامتنان على الإنسان بخلقه على أحسن نظام في جثمانه ونفسه." (١)
في السورة تنويه بتكوين الإنسان ومواهبه، وتنبيه إلى ما يمكن أن يتردى إليه من الانحطاط بالانحراف عن الإيمان والعمل الصالح، وتوكيد بالجزاء الأخروي واتساق ذلك مع عدل اللّه وحكمته، والسورة عامة التوجيه والعرض.
وقد روت بعض الروايات أنها مدنية، غير أن أكثر الروايات متفقة على مكيتها وأسلوبها يؤيد ذلك. (٢)
فضلها :

(١) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٣٧٠)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ١٦٣)


الصفحة التالية
Icon