*وختمت السورة بوعيد ذلك الشقي الكافر، بأشد العقاب إن إستمر على ضلاله وطغيانه، كما أمرت الرسول الكريم، بعدم الإصغاء إلى وعيد ذلك المجرم الأثيم [ كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ] إلى ختام السورة الكريمة [ كلا لا تطعه واسجد واقترب.
* وقد بدأت السورة بالدعوة إلى القراءة والتعلم، وختمت بالصلاة والعبادة، ليقترن العلم بالعمل، ويتناسق البدء مع الختام، في أروع صور البيان. (١)
وقال ابن عاشور :
" تلقين محمد - ﷺ - الكلام القرآني وتلاوته إذ كان لا يعرف التلاوة من قبل.
والإيماء إلى أن علمه بذلك ميسر لأن الله الذي ألهم البشر العلم بالكتابة قادر على تعليم من يشاء ابتداء.
وإيماء إلى أن أمته ستصير إلى معرفة القراءة والكتابة والعلم.
وتوجيهه إلى النظر في خلق الله الموجودات وخاصة خلقه الإنسان خلقا عجيبا مستخرجا من علقة فذلك مبدأ النظر.
وتهديد من كذب النبي - ﷺ - وتعرض ليصده عن الصلاة والدعوة إلى الهدى والتقوى.
وإعلام النبي - ﷺ - أن الله عالم بأمر من يناوونه وأنه قامعهم وناصر رسوله.
وتثبيت الرسول على ما جاءه من الحق والصلاة والتقرب إلى الله.
وأن لا يعبأ بقوة أعداءه لأن قوة الله تقهرهم. " (٢)
تضع جميع تراتيب السور المروية هذه السورة أولى السور ترتيبا. والمتبادر أن ذلك بسبب كون الآيات الخمس الأولى منها هي أولى آيات القرآن نزولا على ما عليه الجمهور. لأن مضمون باقي الآيات وأسلوبها يدلان على أنه نزل بعد مدة ما من نزول آياتها الخمس الأولى، على أن هذه المدة ليست طويلة على ما تلهم آيات السورة.
وفي الآيات الخمس الأولى أمر النبي - ﷺ - بالقراءة وتنويه بما ألهم اللّه الإنسان من العلم. وفي بقية الآيات حملة على باغ مغتر بماله وجاهه تصدى للنبي - ﷺ - وتثبيت للنبي في دعوته وموقفه وعدم المبالاة به. (٣)
كيفية نزول هذه السورة- حديث بدء نزول الوحي :
نزل صدر هذه السورة أول ما نزل من القرآن الكريم، أما بقية السورة فهو متأخر النزول، بعد انتشار دعوته - ﷺ - بين قريش، وتحرشهم به وإيذائهم له.

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥٠٦)
(٢) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٣٨٢)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (١ / ٣١٥)


الصفحة التالية
Icon