كل أمر. كل حركة. كل خطوة. كل عمل. باسم الله. وعلى اسم الله. باسم الله تبدأ. وباسم الله تسير. وإلى الله تتجه، وإليه تصير.
والله هو الذي خلق. وهو الذي علم. فمنه البدء والنشأة، ومنه التعليم والمعرفة.. والإنسان يتعلم ما يتعلم، ويعلم ما يعلم.. فمصدر هذا كله هو الله الذي خلق والذي علم.. ﴿ علم الإنسان ما لم يعلم ﴾..
وهذه الحقيقة القرأنية الأولى، التي تلقاها قلب رسول الله - ﷺ - في اللحظة الأولى هي التي ظلت تصرف شعوره، وتصرف لسانه، وتصرف عمله واتجاهه، بعد ذلك طوال حياته.
بوصفها قاعدة الإيمان الأولى.
قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه :« زاد المعاد في هدي خير العباد » يلخص هَدْيه - ﷺ - فى الذِّكْر :
كان النبىُّ - ﷺ - أكملَ الخلق ذِكْراً للّه عَزَّ وجَلَّ، بل كان كلامُه كُلُّهُ فى ذِكر الله وما والاه، وكان أمرُهُ ونهيُه وتشريعُه للأمة ذِكْراً منه لِلَّهِ، وإخبارُهُ عن أسماءِ الربِّ وصِفاتِه، وأحكامِهِ وأفعاله، ووعدِه ووعيده، ذِكراً منه له، وثناؤُه عليه بآلائه، وتمجيدُه وحمدُه وتسبيحُه ذكراً منه له، وسؤالُه ودعاؤه إياه، ورغبتُه ورهبتُه ذِكراً منه له، وسكوته وصمتُه ذِكراً منه له بقلبه، فكان ذاكراً للّه فى كل أحيانه، وعلى جميع أحواله، وكان ذِكْرُهُ لِلًَّهِ يجرى مع أنفاسه، قائماً وقاعداً وعلى جنبه، وفى مشيه وركوبه ومسيره، ونزولِه وظعنه وإقامته.
وكان إذا استيقظَ قال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أحْيانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ".
وقالت عائشةُ: كان إذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ، كَبَّر اللهَ عَشْراً، وحَمِدَ الله عَشْراً، وقَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" عَشْراً، "سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ" عَشْراً، واسْتَغْفَرَ اللهَ عَشْراً، وهَلَّلَ عَشْراً، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ إنِّى أعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنيَا، وَضِيقِ يَوْمِ القِيَامَةِ" عَشْراً، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ الصلاة.
وقالت أَيْضاً: كَانَ إذا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لاَ إلهَ إلاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِى، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللهُمَّ زِدْنِى عِلَمَاً وَلاَ تُزِغْ قَلْبِى بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنِى، وَهَبْ لِى مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " ذكرهما أبو داود
وأخبر أنَّ مَن استيقظَ من اللّيْل فَقَالَ: "لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ، الحمدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ} [العَلِىِّ العَظِيمِ]" - ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِر لِى - أَوْ دعا بدعاء آخر، - استُجِيبَ لَهُ، فإنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، قُبِلَتْ صَلاَتُه" ذكره البخارى