* سورة القدر مكية، وقد تحدثت عن بدء نزول القرآن العظيم، وعن فضل ليلة القدر، على سأئر الأيام والشهور، لا فيها من الأنوار والتجليات القدسية، والنفحات الربانية، التي يفيضها الباري جل وعلا على عباده المؤمنين، تكريما لنزول القران المبين، كما تحدثت عن نزول الملائكة الأبرار حتى طلوع الفجر، فيا لها من ليلتة عظيمة القدر، هي خير عند الها من ألف شهر. (١)
وقال ابن عاشور عن أغراضها :
" التنويه بفضل القرآن وعظمته بإسناد إنزاله إلى الله تعالى...
والرد على الذين جحدوا أن يكون القرآن منزلا من الله تعالى.
ورفع شأن الوقت الذي أنزل فيه ونزول الملائكة في ليلة إنزاله.
وتفضيل الليلة التي توافق ليلة إنزاله من كل عام.
ويستتبع ذلك تحرير المسلمين على تحين ليلة القدر بالقيام والتصدق. " (٢)
في السورة تنويه بليلة القدر وتقرير إنزال القرآن فيها. وبعض الروايات تذكر أنها مدنية. غير أن جميع التراتيب المروية تسلكها في عداد السور المكية.
وأسلوبها ووضعها في المصحف بعد سورة العلق قد يؤيدان مكيتها وتبكيرها في النزول. (٣)
معنى نزول القرآن في ليلة القدر :
معنى نزول القرآن في ليلة القدر، مع العلم بأنه نزل منجّما مقسّطا على مدى ثلاث وعشرين سنة : أنه ابتدأ إنزاله ليلة القدر لأن بعثة النبي - ﷺ - كانت في رمضان.
وذلك لأن اللَّه تعالى قال في هذه السورة : إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وقال في سورة الدخان : حم، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْراً مِنْ عِنْدِنا، إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [١- ٦].
وأما قوله تعالى في سورة البقرة : شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ، وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [١٨٥] فمعناه أنه ابتدأ نزول القرآن في شهر رمضان المبارك.
وأما آية الأنفال :.. وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ [٤١] فلا تعني تحديد موعد نزول القرآن، وإنما تذكّر المؤمنين بما أنزل على محمد - ﷺ - يوم بدر في السابع عشر من رمضان من الآيات المتعلقة بأحكام القتال، والملائكة، والنصر. وسمي يوم بدر يوم الفرقان لأنه فرق فيه بين الحق والباطل.
(٢) - التحرير والتنوير لابن عاشور - (٣٠ / ٤٠١)
(٣) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٢ / ١٢٩)