روى أن النبي - ﷺ - خرج ليخبر عن ليلة القدر فوجد رجلين يتنازعان فنسي الخبر. ليلة القدر مصدر السلام والأمان حتى مطلع الفجر (١)
التفسير والبيان :
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أي إننا نحن اللَّه بدأنا إنزال القرآن في ليلة القدر، وهي الليلة المباركة، كما قال اللَّه عز وجل : إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [الدخان ٤٤/ ٣] وهي في شهر رمضان لقول اللَّه تعالى : شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة ٢/ ١٨٥]. ثم أتممنا إنزاله بعد ذلك منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الحاجة وما تقتضيه الوقائع والحوادث، تبيانا للحكم الإلهي فيها. قال الزمخشري رحمه اللَّه : عظّم اللَّه القرآن من ثلاثة أوجه :
أحدها- أن أسند إنزاله إليه، وجعله مختصا به دون غيره، والثاني- أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه، والثالث- الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه (٢).
ثم ذكر اللَّه تعالى فضائل تلك الليلة، فقال :
١- وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أي وما أعلمك ما ليلة القدر ؟ وهذا لتفخيم شأنها وتعظيم قدرها، وبيان مدى شرفها، وسميت بذلك لأن اللَّه تعالى يقدر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة، أو لعظيم قدرها وشرفها. قال الزمخشري : معنى ليلة القدر : ليلة تقدير الأمور وقضائها، من قوله تعالى : فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان ٤٤/ ٤].
وقدرها أيضا : أن العمل فيها، وهي ليلة واحدة، خير من العمل في ألف شهر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال : قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ : قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ.
ـ وفي رواية : أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، للهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ." أخرجه أحمد وغيره (٣).
وثبت في الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - ﷺ - قَالَ « مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » (٤)..
(٢) - الكشاف : ٣/ ٣٥١
(٣) - المسند الجامع - (١٧ / ٢٦٤) (١٣٣٩٦) صحيح
(٤) - صحيح البخارى(١٩٠١ ) وصحيح مسلم (١٨١٧)