وقد عدت المائة وإحدى في ترتيب النزول نزلت بعد سورة الطلاق وقبل سورة الحشر، فتكون نزلت قبل غزوة بني النضير، وكانت غزوة النضير سنة أربع في ربيع الأول فنزول هذه السورة آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع.
وعدد آياتها ثمان عند الجمهور، وعدها أهل البصرة تسع آيات." (١)
مناسبتها لما قبلها :
هذه السورة كالعلة لما قبلها، فكأنه لما قال سبحانه : إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قيل : لم أنزل القرآن ؟ فقيل : لأنه لم يكن الذين كفروا منفكّين عن كفرهم، حتى تأتيهم البينة، فهي كالعلة لإنزال القرآن، المشار إليه في سورة القدر المتقدمة.
وقال الخطيب :" كانت سورة « القدر » التي سبقت هذه السورة تنويها بالليلة المباركة التي نزل فيها القرآن الكريم، فنالت بشرف نزوله فيها هذا القدر العظيم الذي ارتفعت به على الليالى جميعا.. فالتنويه بليلة القدر هو ـ فى الواقع ـ تنويه بالقرآن الكريم، وأن الاتصال به يكسب الشرف ويعلى القدر للأزمان والأمكنة والأشخاص.
وسورة « البيّنة » تحدّث عن هذا القرآن، وعن رسول اللّه الحامل لهذا القرآن، وموقف الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، من القرآن، والرسول الداعي إلى اللّه بالقرآن.. ومن هنا كان الجمع بين السورتين قائما على هذا الترابط القوىّ، الذي يجعل منهما وحدة واحدة. " (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
سورة البينة وتسمى [ سورة لم يكن ] مدنية، وهي تعالج القضايا الآتية :
١- موقف أهل الكتاب من رسالة محمد ( - ﷺ - ).
٢- موضوع إخلاص العبادة لله جل وعلا.
٣- مصير كل من السعداء والأشقياء في الآخرة.
٤- تحدثت السورة الكريمة عن موقف اليهود والنصارى، من دعوة النبى( - ﷺ - ) بعد أن كانوا ينتظرون قدومه، فلما جاءهم بالنور والضياء كانوا أول من كذب برسالته [ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة.. ] الآيات.
* ثم تحدثت السورة عن عنصر هام من عناصر الإيمان، وهو " إخلاص العبادة " لله العلي الكبير، الذي أمر به جميع أهل الأديان، لإفراده جل وعلا بالذكر، والقصد، والتوجه في
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٥ / ١٦٣٨)