وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بُرَيْدة الجَرميُّ قال : نزلت في قبيلين من الأنصار بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا بالأحياء ثم قالوا : انطلِقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان، تشير إلى القبرِ، ومثل فلان، وفعل الآخرون مثل ذلك، فأنزل الله :( ألهاكم التكاثر ).
وقد عدت السادسة عشرة في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة الكوثر وقبل سورة الماعون بناء على أنها مكية. وعدد آياتها ثمان. (١)
مناسبتها لما قبلها :
أخبرت سورة القارعة عن بعض أهوال القيامة، وجزاء السعداء والأشقياء، ثم ذكر في هذه السورة علة استحقاق النار وهو الانشغال بالدنيا عن الدين، واقتراف الآثام، وهددت بالمسؤولية في الآخرة عن أعمال الدنيا.
ومناسبتها لما قبلها - أن فى الأولى وصف القيامة وبعض أهوالها وجزاء الأخيار والأشرار، وأن فى هذه ذكر الجحيم وهى الهاوية التي ذكرت فى السورة السابقة، وذكر السؤال عما قدم المرء من الأعمال فى الحياة الدنيا، وهذا بعض أحوال الآخرة. (٢)
ما اشتملت عليه السورة :
* سورة التكاثر مكية، وهي تتحدث عن انشغال الناس بمغريات الحياة، وتكالبهم على جمع حطام الدنيا، حتى يقطع الموت عليهم متعتهم، ويأتيهم فجأة وبغتة، فينقلهم من القصور إلى القبور. الموت يأتي بغتة والقبرصندوق العمل، وقد تكرر في هذه السورة (الزجر والإنذار) تخويفا للناس، وتنبيها لهم على خطئهم، باشتغالهم بالفانية عن البافية [ كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون ].
* وختمت السورة الكريمة ببيان المخاطر والأهوال التي سيلقونها في الآخرة، والتي لا يجوزها ولا ينجو منها إلا المؤمن، الذي قدم صالح الأعمال. (٣)
وقال ابن عاشور :
" اشتملت على التوبيخ على اللهو عن النظر في دلائل القرآن ودعوة الإِسلام بإيثار المال والتكاثر به والتفاخر بالأسلاف وعدم الإِقلاع عن ذلك إلى أن يصيروا في القبور كما صار من كان قبلهم وعلى الوعيد على ذلك.
وحثهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم.

(١) - التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (٣٠ / ٥١٧)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٣٠ / ٢٢٨)
(٣) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٥١٩)


الصفحة التالية
Icon